حذر باحثون مقدسيون من واقع خطير يشهده المسجد الأقصى المبارك جراء الحفريات الجديدة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الصهيوني في محيطه وأسفله في محاولة لطمس معالم المسجد الإسلامية تمهيداً لهدمه وبناء الهيكل المزعوم، وذلك بدعم رسمي من الحكومة الصهيونية الجديدة المتطرفة بقيادة نتنياهو.
ونبّه رئيس دائرة القدس في منظمة التحرير الفلسطينية عدنان الحسيني إلى ما تقوم به سلطات الاحتلال من حفريات في منطقة القصور الأموية، الملاصقة لأساسات وسور المسجد الأقصى الجنوبي والغربي، أي ساحة البراق.
من جانبه، أشار مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إلى أن سلطات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية تعملان منذ فترة طويلة على الحفر أسفل المسجد الأقصى بشكل مستمر ودون توقف.
تحضير لما هو قادم
وقال الحموري، وفق صحيفة “فلسطين”: من يقوم بالحفريات هم طواقم من الخبراء والمهندسين وعلماء الآثار، حيث تتم عمليات الحفر بشكل منظم وليس عشوائياً، وتنفذ تلك الحفريات بأماكن مخصصة مسبقًا.
وأضاف: بالتزامن مع الحفريات، تمنع سلطات الاحتلال دائرة الأوقاف من القيام بأي أعمال ترميم أو صيانة، أو إدخال أي معدات تسهم في تخفيف وإصلاح آثار تلك الحفريات التي بدأت تظهر على الجدران وساحات “الأقصى”.
وأوضح أن ساحات “الأقصى” شهدت الفترة الماضية سقوط بعض الأشجار، وتشقق جدران، بسبب الحفريات المستمرة أسفله، وهو ما يهدد استمرار بقائه، وإمكانية هدمه كما يخطط الاحتلال.
وبين أن الاحتلال يزيد من الحفريات أسفل “الأقصى” بهدف التحضير لما هو قادم تجاه المسجد، المتعلق بهدمه وفقًا للمخططات الصهيونية.
نفق جديد
بدوره، كشف الباحث معاذ إغبارية عن اختراق نفق جديد من أنفاق الاحتلال لسور البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
وقال إغبارية، في منشور له عبر صفحته على “فيسبوك”: إنّ الاحتلال “الإسرائيلي” اخترق سور البلدة القديمة خلال حفر “النفق الجديد” الذي يمتد حتى أساسات المسجد الأقصى.
وأوضح أنّ النفق الجديد الممتد من وادي حلوة بسلوان إلى شارع باب المغاربة اخترق سور البلدة القديمة حتى القصور الأموية، وهو الاختراق الذي لم يكن موجودًا قبل شهر.
وأشار إغبارية إلى أنّ العمال يواصلون الحفر بالنفق الجديد باتجاهين؛ الأول من عين سلوان حتى وادي حلوة بسلوان، والثاني من وادي حلوة إلى القصور الأموية.
وذكر أنّ امتداد النفق الجديد يبلغ 15 مترًا تحت شارع باب المغاربة، بينما يبلغ عرض النفق نحو 4 أمتار.
وأكد إغبارية أنّ هناك نفقًا أثريًا قديمًا، يمتد من عين سلوان إلى أساسات المسجد الأقصى، وهو عبارة عن قنوات مائية من زمن الرومان.
ولفت إلى أنّ عمّال الاحتلال يزيلون خلال الحفريات الآثار الإسلامية، كالمحاريب والأقواس، بينما يبقون على الآثار البيزنطية والرومانية.
تغيير الواقع التاريخي والديني والحضاري
من جهته، حذر رئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث الشيخ ناجح بكيرات من المخاطر المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك، في ظل سياسات حكومة الاحتلال المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو.
وأشار بكيرات إلى أنّ المخاطر التي تهدد الأقصى والقدس تتلخص في ثلاث مسارات، أولها تجنيد الاحتلال لقواه السياسية والعسكرية والأمنية من أجل تحقيق “حلم الحركة الصهيونية”، بتحويل مدينة القدس والأقصى إلى “تراث يهودي بحت”.
وأوضح الشيخ بكيرات، وفق “مؤسسة القدس الدولية”، أنّ هذا الحلم لن يتحقق إلا في ظل حكومة صهيونية يمينية، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية تعمل على هذا العلم، لا سيما أنها تحمل سياسات تستهدف بشكل مباشر تغيير الواقع التاريخي والديني والحضاري بالأقصى.
ولفت بكيرات إلى أنّ المسار الثاني يتعلق بتغيير وتزييف الرواية الفلسطينية والهوية الإسلامية للمسجد الأقصى والقدس وكامل التراب الفلسطيني، منوهاً إلى أن هناك أكثر من 3700 اسم معلم فلسطيني تم تغييره من الاحتلال.
وذكر أنّ الاحتلال يحاول تغيير مسميات عديدة منها المسجد الأقصى إلى “مجمع الأقصى”، مضيفاً أن الحفريات المتواصلة التي تنفذ أسفل القدس، تنخر بالبلدة القديمة منذ عام 1967.
وشدد بكيرات على أن الاحتلال يحاول إزالة كل المعالم الإسلامية في القدس، لإيجاد صورة تعبر عنه وحتى يعرف أن هذه المدينة يهودية، إلى جانب تغيير أسماء أكثر من 1700 اسم في القدس لوحدها.
ونوه إلى أن هذه الممارسات زادت المخاطر التي تهدد الأقصى، وجعلته محاصراً ومحاطاً بالأسلاك الشائكة، ولا يستطيع أي شخص الدخول إلى المسجد إلا بعد التفتيش ومراقبة تحركاته.
وتحدث عن المسار الثالث الذي يقع ضمن دائرة المخاطر التي تهدد الأقصى، والمتمثل في تخطيط الاحتلال منذ فترة بعيدة لإنهاء دور الأوقاف الإسلامية والوصاية الأردنية، مشيرًا إلى وجود شواهد كثيرة على ذلك، منها منع ترميم الأقصى والاعتداء على حراسه.
وفي يونيو الماضي، كشف باحثون مقدسيون، منهم الباحث المختص في شؤون القدس زياد أبحيص، عن تفاصيل خطيرة حول اعتزام سلطات الاحتلال اقتطاع مساحة من المسجد الأقصى، إلى الجنوب منه، لصالح المستوطنين، ومنع المسلمين من الوصول إليها.
وكان مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس قد قال، في بيان سابق أصدره في 23 يونيو الماضي: إن ما تسمى “سلطة الآثار” وجمعية “إلعاد” الاستيطانية تجريان منذ فترة حفريات مريبة وغامضة في محيط المسجد الأقصى، خاصة من الجهتين الجنوبية والغربية الملاصقتين للأساس الخارجي للمسجد، في منطقتي حائط البراق والقصور الأموية.