افتتحت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت، اليوم الأحد، المؤتمر الدولي الثالث عشر بعنوان “الأمراض المنقولة جنسياً.. المخاطر والوقاية من منظور صحي وإسلامي”، برعاية سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، وبحضور نخبة متميزة من القامات العلمية والفقهية والعلوم المرتبطة بهما من 20 دولة عربية وإسلامية وغربية.
أهمية انعقاد المؤتمر
وأكد وزير الصحة د. أحمد العوضي، في كلمة ألقاها لدى افتتاح المؤتمر، أن هناك مجموعة فيروسات تستدعي ضرورة التحرك الدولي لمواجهتها، منها التي تنتقل عبر الممارسات المتعددة غير الشرعية والشاذة.
وقال العوضي: إن أهمية المؤتمر تنبثق من انعقاده في فترة زمنية يعاني كثيرون فيها من أمراض وأوبئة قديمة كانت أو جديدة، حيث بدأت تطفو على سطح الخريطة الصحية مجموعة من تلك الفيروسات، موضحاً أن المؤتمر يحمل على عاتقه دراسة هذه الأمراض التي تصيب ربع سكان المعمورة تقريباً، ومنها الإيدز والالتهاب الكبدي بهدف مواجهتها وكبح جماحها وتعزيز الصحة العامة للمسلمين والبشرية جمعاء.
وذكر أن أهم محاور المؤتمر تتمثل في دراسة وبائيات هذه الأمراض في دول العالم الغربي والإسلامي وأحدث طرق تشخيصها ومعوقاتها، كذلك توفير العلاج وتحدياته إلى جانب طرق الوقاية وتعزيز الصحة والتحديات التي تواجه الدول الإسلامية والأقليات المسلمة في مواجهة هذه الأمراض.
من جانبه، قال رئيس المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية رئيس المؤتمر د. محمد الجارالله، في كلمته: إن المنظمة منذ نشأتها سعت لتكون المرجعية الإسلامية في العلوم الطبية ولإحياء التراث الطبي الإسلامي الزاخر لعلماء الحضارة الإسلامية وتطرحه بصورة علمية موثقة، مضيفاً أن المنظمة عقدت ما يربو على 40 مؤتمراً حول العديد من القضايا كالاستنساخ والهندسة الوراثية وتأجير الأرحام وغيرها، وموضحاً أن المؤتمر يستهدف دراسة الأمراض المنقولة جنسيا مثل الإيدز وغيرها، التي تصيب ما يقرب من ربع سكان الأرض.
وتابع الجارالله: نحن نسعى لمشاركة العالم والإنسانية لمواجهة تلك الأمراض والانحرافات الجنسية والشذوذ لكونها الوسيلة الغالبة لانتقال هذه الأمراض كما هو مثبت بالأدلة العلمية، ونحن نستنهض العلماء والأطباء لإعمال تعاليم الدين الإسلامي وجميع الأديان السماوية وكل ذي صاحب فطرة سليمة في مواجهة هذه الأوبئة حماية للبشرية وتعزيزا لصحة الإنسان.
وأعرب عن الأمل في أن يتوج المؤتمر بإصدار وثيقة المنظمة الإسلامية لتعزيز الصحة الجنسية ومواجهة الشذوذ، خصوصاً أن المؤتمر سيناقش وبائيات الأمراض المنقولة جنسياً في العالم والتحديات التي تواجه التشخيص والعلاج والتطعيمات والوقاية، لافتاً إلى أن أنجع وسائل الوقاية ترسيخ تعاليم الدين الإسلامي والأديان السماوية الواضحة في مواجهة هذه الانحرافات والشذوذ.
درهم وقاية خير من قنطار علاج
من جانبه، أكد رئيس جامعة الأزهر الشريف رئيس اللجنة الاستشارية للمؤتمر د. سلامة داود أن الله عز وجل أمرنا بحفظ الفروج في موضعين متشابهين في التنزيل العزيز في سورتي “المؤمنون”، و”المعارج”، وجعل ذلك في سورة “المؤمنون” من صفات المؤمنين الذين تحقق لهم الفلاح في الدنيا والآخرة ووعدهم الله الكريم بميراث كبير جداً هو ميراث الفردوس مع الخلود فيها، فقال جل وعلا: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) (المؤمنون).
وأوضح داود أن حفظ الفروج يعني حفظ الأعراض والأنساب ألا تختلط كما يعني حفظَ الأبدان من الأمراض الجنسية وغيرها، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج، وفي هذا المعنى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من يضمن لي ما بين لَحْيَيْه وما بين رجليه أضمن له الجنة” (مسند أحمد حديث أبي موسى الأشعري).
وقال: إنه من عجائب ما وُلِدَ في زماننا من مساوئ الأخلاق والفواحش إباحة المثلية الجنسية، بأن يأتي الذُّكْرانُ الذُّكْران، والإناثُ الإناثَ، مبيناً أنه قد صَدَرَ بإباحة هذه المثلية قوانينُ تحميها وتباركها، وهي ارتكاسة في حَمْأَةِ الخَبَال، وانتكاسة تشمئز منها الفطر السليمة إلى فَعْلَة قوم لوط عليه السلام الذين أهلكهم الله تعالى بسبب هذه الفاحشة إهلاكاً مبيراً.
وأضاف أن القرآن الكريم وصف هذه الفاحشة على لسان سيدنا لوط عليه السلام في مواضع، منها قوله تعالى: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ {165} وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) (الشعراء).
العلاج الناجع
وأشار داود إلى أن الآيات البينات وصفت العلاج الناجع في الجانب الروحي بحسن تدبر القرآن الكريم والاهتداء بنوره وبإدامة ذكر الله جل جلاله حتى يكون العبد موصولاً بربه بالغدو والآصال بعيداً عن الغفلة التي هي حبل الشيطان وشَرَكُه؛ ولذا قال جل وعلا عقب الآية السابقة: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {204} وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) (الأعراف).
ودعا رئيس جامعة الأزهر عقلاء العالم أن يجتمعوا على كلمة سواء بينهم لتجريم هذه المثلية البغيضة النكراء، ووضع عقاب رادع لها، ليتطهر الكون من رجسها، مشيراً إلى أن الشرع الحنيف جعل عقوبة اللواط القتل لكل من الفاعل والمفعول به، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم، وذهب بعضهم إلى أن حد اللوطي كحد الزاني، بقتل المحصن وجلد غير المحصن، وذهب بعضهم إلى أن عقوبته التعزير بما يراه ولي الأمر، مستشهداً بالحديث الشريف عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ، وَالْمَفْعُولَ بِهِ” (سنن الترمذي باب ما جاء في حد اللوطي برقم 1456).
ويســـتهدف المؤتمـــر دراســـة الأمراض المنقولـــة جنسياً مثـــل الإيدز والالتهاب الكبـــدي، والزهري والسيلان.. وغيرهـــا التـــي تصيـــب مـــا يقـــرب مـــن ربـــع ســـكان المعمـــورة طبقـــاً للأرقام العالميـــة المعتمـــدة، وذلـــك بهـــدف كبـــح جماحهـــا ومواجهـــة الانحرافات الجنســـية والشـــذوذ الجنسي كونهـــا أهـــم عامـــل مـــن عوامـــل الخطـــورة التي تـــؤدي إليهـــا والوســـيلة الغالبـــة لانتقال هـــذه الأمراض في مختلـــف دول العالـــم، طبقـــاً للحقائـــق المثبتـــة علميـــاً وعالميـــاً، كما يستهدف أيضـــاً اســـتنهاض الديـــن الإسلامي وجميـــع الأديان الســـماوية وكل أصحــاب الفطــرة الســليمة في مواجهــة هــذا الوبــاء لحمايـــة البشـــرية جمعـــاء وتعزيـــز صحتهـــا، كمـــا يختتـــم المؤتمـــر بإصـــدار وثيقـــة المنظمـــة الإسلامية لتعزيـــز الصحـــة الجنســـية ومواجهـــة الشـــذوذ.
يذكر أن المؤتمر يستمر ثلاثة أيام بمشاركة 300 باحث من 20 دولة وممثلين من منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة.