أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة لمقاطعة المنتجات السويدية رداً على إقدام اليميني المتطرف راسموس بالودان، السبت الماضي، على حرق نسخة من المصحف الشريف بحماية الشرطة السويدية قرب السفارة التركية بستوكهولم.
وعبّر الناشطون عن سخطهم من تصرف بالودان، وتصدّر وسم “#مقاطعة_المنتجات_السويدية” قائمة الوسوم الرائجة في أغلب الدول العربية، حيث طالب مغردون بمقاطعة المنتجات السويدية في خطوة عقابية على توفيرها الحماية للسياسي المتطرف.
وقال صانع المحتوى “اليوتيوبر” عبدالله الشريف: إن ما تمارسه الدول الغربية ازدواجية في المعايير مع حرية التعبير، وشارك مقطع فيديو قصيراً معبراً فيه عن ردود الفعل الغربية تجاه حرق علم “إسرائيل” أو المثليين، وقارنها بموقفهم من حرق المصحف الكريم.
من جانب آخر، شاركت متاجر عربية في حملات المقاطعة، وأعلنت جمعيات تعاونية في الكويت مقاطعة المنتجات السويدية، رداً على حادثة الحرق.
ودعا عضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين محمد الصغير، في تغريدة على “تويتر”، إلى مقاطعة شركة الأثاث العملاقة “إيكيا” السويدية، قائلاً: إن تركيز الجهود على مقاطعة شركة كبرى مثل إيكيا السويدية مدة شهر من الآن ستظهر نتائجه بسرعة.
فيما قالت الهيئة العامة لنصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في حسابها عبر “تويتر”: المقاطعة الاقتصادية تؤلمهم بشدة، سيكون ردنا على حرقهم للمصحف الشريف بأن نبدأ جميعًا في مقاطعة شركة إيكيا السويدية التي تعد من أكبر وأشهر الشركات في العالم.
وترتبط دول الخليج بعلاقات تجارية جيدة مع السويد؛ ما يجعل المقاطعة الشعبية الخليجية لمنتجاتها ذات تأثير قوي في حال كانت منظمة ومنسقة ومرتبطة بجميع الدول العربية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية.
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والسويد نحو 1.33 مليار دولار، وتحتل السويد المرتبة الـ85 في صادرات السعودية لدول العالم، والمركز الـ24 في واردات المملكة من العالم، حسب بيانات وزارة التجارة السويدية للعام 2017.
وعلى صعيد الإمارات، تشير البيانات الرسمية لأبوظبي إلى أن حجم التبادل التجاري مع السويد يبلغ 1.8 مليار دولار.
وتبلغ قيمة واردات الإمارات من السويد نحو 1.76 مليار دولار سنوياً، فيما تقدر الصادرات الإماراتية لها بنحو 5.5 ملايين دولار، وإعادة الصادرات بنحو 14.8 مليون دولار، وفق البيانات ذاتها المنشورة في عام 2017.
ووفق وزارة الاقتصاد الإماراتية، توجد 6 شركات تجارية سويدية مسجلة بالإمارات، و47 وكالة تجارية، وأكثر من 1125 علامة تجارية سويدية.
وتعتبر الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للسويد من منطقة الخليج بعد السعودية، وتأتي بعدها قطر.
وذكرت بيانات وزارة التجارة السويدية المنشورة في العام 2022، أن حجم التجارة مع قطر يتطور باستمرار.
وذكرت أن الصادرات السويدية إلى دولة قطر ارتفعت من 556 مليون ريال (152.7 مليون دولار) في العام 2020 إلى نحو 1.112 مليار ريال (305.4 ملايين دولار) في العام 2021.
أما البحرين، فلديها تبادل تجاري مع السويد بقيمة 4 ملايين دولار أمريكي سنوياً، وفق الجهاز المركزي للمعلومات البحريني للعام 2017.
ولا تتوفر معلومات حول حجم التجارة بين السويد وسلطنة عُمان، لكن تعمل في الأخيرة عدد من الشركات السويدية في مجال النفط.
وسبق أن وقعت السلطات العُمانية، في أكتوبر 2020، اتفاقية مع شركة “مها إنرجي” السويدية للتنقيب عن النفط في منطقة الامتياز رقم (70) البالغة مساحته 639 كيلومتراً مربعاً.
هل تؤثر المقاطعة؟
وفي قراءته للحدث وتوقعاته بشأن حملة المقاطعة الاقتصادية وتأثيراتها على السويد في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش: إن ما حدث عمل يدل على قصور في التفكير والمنطق وعدائية واضحة.
وأضاف عايش أنه من المستغرب أن تكون هذه الممارسات في دولة مثل السويد تحترم حقوق الإنسان وتراعي الخصوصية المتعلقة بالأديان.
ولفت إلى أن حالات الاستفزاز للمسلمين تكررت بالسنوات الأخيرة وبالذات بحرق نسخ من المصحف أو استهداف أماكن العبادة.
وبشأن حملة المقاطعة الشعبية للبضائع السويدية، أشار عايش إلى أن حجم التجارة العربية السويدية ربما يتجاوز الـ4 مليارات دولار، ومن ثم فإنه نشاط تجاري محدود مقارنة مع تجارة العرب ودول الخليج مع بقية دول العالم بحسب الخليج أون لاين.
ولفت إلى أن الدول العربية لم تتفق رسمياً على اتخاذ إجراءات منسقة فيما بينها لمواجهة العمل السويدي المستفز، مشيراً إلى أن حملة المقاطعة تقودها أطراف شعبية غير منسقة، ولذلك سيكون تأثيرها أقل حدة مما لو كانت منسقة ورسمية.
إلا أن الخبير الاقتصادي قال: إن أي عمل مقاطعة شعبي يمكن أن يؤثر على السويد، خاصة في الوقت الحالي الذي تواجه الدول فيه أزمات اقتصادية.
وأضاف: في الفترة الحالية، حجم التجارة الدولية انخفض لأسباب تتعلق بكورونا وارتفاع التضخم وارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية المختلفة.
وأوضح أن السويد تبحث حالياً عن أسواق بديلة لإعادة تجارتها لوضعها الطبيعي، والدول العربية والخليجية جزء من هذه الأسواق، وتوسع المقاطعة العربية لبضائعها يعني فشلها في مهمتها وتراجع نموها الاقتصادي.
ورأى عايش أنه لو كان هناك عمل عربي إسلامي منسق في مواجهة كل من يعتدي على الرموز سواء الإسلامية أو الإنسانية لما تجرأت هذه الدول وسمحت بمثل هذه المواقف على قاعدة ما تسميه حرية الرأي.
وأكد أن المقاطعة ستؤثر مهما كان حجمها، ولكن هذا التأثير يكون أكثر وقعاً على السويد إذا كان منسقاً ومستمراً ولمدة طويلة.
وتصدر السويد إلى الدول الخليجية سيارات وأخشاباً ومعدات طبية وأجهزة إلكترونية وهواتف خلوية، وهذه كلها يمكن إيجاد بدائل لها في دول أخرى.