في الرابع والعشرين من يناير الجاري، بدأ نشاط معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والخمسين، وقد افتتحه رئيس الوزراء المصري في اليوم التالي ومعه بعض الوزراء، حيث شارك أكثر من ألف ناشر بمطبوعاتهم، واختار المنظمون للأنشطة الكاتب الكبير كامل كيلاني شخصية العام لأدب الأطفال، والزجال الرسام صلاح جاهين شخصية المعرض الثقافية. واهتمت صحف السلطة بصلاح جاهين بوصفه يساريا ناصريا، وأهملت التعريف أو الكتابة عن كامل الكيلاني، لأنه ينتمي إلى الفكر الإسلامي، وتربت أجيال متتابعة منذ الخمسينيات في القرن الماضي على قصصه وكتبه. وينظم المعرض خمسمائة فعالية تشتمل على ندوات ولقاءات متنوعة يشارك فيها مثقفو النظام اليساريون وأتباعهم. ولا توجد من بينها فعالية إسلامية واحدة، ويحل الأردن ضيفا على المعرض هذا العام، ويمثله يعض اليساريين الذين ليسوا على ودّ مع الإسلام. كما تشارك بعض الدول بأجنحة خاصة للدعاية.
لوحظ أن جناح الأزهر الشريف بمعروضاته من كتب ودوريات وغيرها يلقى إقبالا شديدا من الزوار، مما يشير إلى تجذر الإسلام في نفوس الشعب والأمة. وقد أشاد رئيس الوزراء بالجناح وحسن تنظيمه.
وقد اختار الجَنَاح الفيلسوف والمفكر الإسلامي سليمان دنيا، أحد كبار علماء الأزهر في القرن العشرين، ليكون شخصية الجناح هذا العام، حيث ذاعت شهرته في مجال التحقيق أكثر من شهرته في مجال التأليف، ومن أشهر تحقيقاته: تهافت الفلاسفة للغزالي، وتهافت التهافت لابن رشد، والإشارات والتنبيهات لابن سينا، ومن مؤلفاته: الحقيقة في نظر الغزالي، التفكير الفلسفي الإسلامي، بين الشيعة وأهل السنة.
يأتي معرض الكتاب هذا العام وسط أزمة اقتصادية خانقة بسبب الغلاء الشديد، وارتفاع أسعار الورق والأحبار والنقل والجمارك وإيجارات الأجنحة وغيرها، وقد اكتفى كثير من الناشرين المصريين بعرض الكتب التي طبعوها من قبل، واعتذروا عن عدم طبع كتب جديدة بسبب الأزمة.
ويظل المعرض في كل الظروف متنفسا للزائرين والأسر المصرية حيث يقضون أوقاتا غير قليلة في عالم الفكر والثقافة والتكنولوجيا، بعيدا عن متاعب الحياة اليومية وصعوباتها.