أكدت المعارضة التونسية أن نسبة المشاركة بالدور الثاني للانتخابات التشريعية بمثابة حكم نهائي بفشل إجراءات رئيس البلاد قيس سعيد الاستثنائية ودعت إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
وطالبت حركة النهضة، في بيان لها، بـ”استقالة رئيس الجمهورية قيس سعيد وفسح المجال أمام الشعب الذي لفظه لإجراء انتخابات رئاسية مبكّرة كمدخل لحل للأزمة الراهنة وكفرصة أخيرة قبل إعلان الإفلاس والانهيار الذي قاد إليه البلاد”.
ويأتي بيان الحركة على خلفية ما وصفته بـ”مهزلة الدور الثاني من الانتخابات، وتبعاً لما آلت إليه أوضاع البلاد من تفاقم للأزمة السياسية وتصاعد الاحتقان الاجتماعي والتدهور الاقتصادي والمالي وسط عجز سلطة الانقلاب عن إدارة شؤون البلاد وإمعان قيس سعيّد في المضي قدمًا في المسار الانتخابي العبثي”، وفق نص البيان الممضى من رئيس الحركة راشد الغنوشي.
واعتبرت الحركة أن مسار سعيد الانقلابي قد قابله الشعب التونسي بكل فئاته بالتجاهل التامّ والمقاطعة من الاستشارة حتى مهزلة الانتخابات، كما تؤكّد حالة تمايز بين سلطة الانقلاب الفردية والمجتمعين السياسي والمدني، وفق نص البيان.
وأضاف البيان أنه لم يعد من حق المنقلب التحدث باسم الشعب أو ادعاء التعبير عن إرادته التي عبر عنها من خلال العزوف ومقاطعة الانتخابات.
كما قالت “النهضة”، في البيان نفسه، أن الجولة الثانية ممّا يسمّى انتخابات تشريعية عزّزت عزوف الشعب ومقاطعته لمسار انقلاب 25 يوليو.
وذكّرت الحركة بموقفها الثابت والمبدئي من المسار الانقلابي لـ25 يوليو 2021 على الشرعية ودستور الجمهورية كمحاولة فاشلة لتأسيس دكتاتورية على أنقاض الثورة المجيدة ومكتسباتها، وهو ما عزّزته عَرَضًا نتائج الانتخابات التشريعية غير الشرعية، فكانت هذه الانتخابات المهزلة بمثابة المسمار الأخير الذي دقه الشعب التونسي الفطن في نعش الانقلاب البغيض والمنقلب وإنهاء شرعيتهما.
وأدانت “النهضة” ما رافق العملية الانتخابية من إخلالات جسيمة كشفت عنها منظمات المجتمع المدني من حجبٍ متعمّد للمعطيات المتعلقة بأعداد المقترعين ونسب المشاركة في مختلف المكاتب ومراكز الاقتراع من طرف الهيئة المعيّنة للانتخابات وغيرها من الإخلالات، ما مثّل ضربًا صريحًا وفاضحًا لمبدأ الشفافية ونزاهة الانتخابات، وعبّر بشكل جليّ عن عبثية العملية الانتخابية والهدر المتعمد للمال العام كانعكاس للعبث بالدولة والمقامرة بمصير التونسيين من طرف قيس سعيّد ومن يقف معه.
ودعت كافة القوى الحية السياسية والمدنية إلى التعجيل في توحيد جهودها الوطنية والاتفاق على أرضية مبادرة تُنهي مرحلة العبث بالدولة استجابة لرسالة الشعب العظيم في المقاطعة الواسعة للانتخابات، وتساهم بجدية في إنقاذ ما تبقّى من أسس الدولة وإنهاء معاناة الشعب وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار والأوضاع الاجتماعية من الانفجار، وفق ما ورد في البيان.
واعتبرت أنّ برلمان سعيد لا يعبّر إلا عن أقلية الأقلية، وليس من حقّه أن يمارس السلطة التشريعية باسم الشعب أو باسم الأغلبية وباسم الناخبين، وكل ما يصدر عنه لا معنى ولا مشروعية له، وسيكون من الأجدر أن يعلن عن حلّ نفسه تمهيداً لحل جذري ينقذ البلاد مما ينتظرها من فوضى في حالة مواصلة تعمّد سلطة الانقلاب سياسة الهروب إلى الأمام.
من جهتها، أشارت جبهة “الخلاص الوطني” التي تضم 5 أحزاب، إلى أن ما سيفرز عن الانتخابات سيكون مجلس (برلمان) مسخ مجرداً من الصلاحيات الرقابية ويتقاسم الصلاحيات التشريعية مع رئيس السلطة المستبد.
وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس: هذا البرلمان لن يعترف به أحد من المواطنين والقوى السياسية، وسيزيد الأزمة السياسية تعمقاً ونزاعاً على الشرعيات بين الشرعية الزائفة التي يريد أن يرسيها سعيد وشرعية دستور 2014 وما نتج عنه من هيئات ديمقراطية.
ومعلقاً على نسبة المشاركة، شدد على أن الدور الثاني للانتخابات كان بمثابة الحكم النهائي لفشل العملية الانتخابية ولعدم شرعية الانقلاب.
واستطرد: لا ننتظر شيئاً من سعيد بل من أنفسنا نحن المجتمع التونسي بقواه السياسية والمدنية.
دعوة للحوار والوحدة
ودعا الشابي كلاً من اتحاد الشغل وهيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى الحوار والوحدة، قائلاً: نقول لهم: إننا في مركب واحد نرجوهم أن يكفوا عن تقسيم التونسيين بين سياسيين ومدنيين.
وأردف قائلاً: أطلب منهم الارتقاء بمستوى المرحلة الجديدة، وأن نضع أيدينا في أيدي بعضنا بعضاً بهدف رحيل سعيد والذهاب لانتخابات رئاسية مبكرة تكون كمرحلة أولى تشمل إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية.
وجرى في تونس، أمس الأحد، الاقتراع بالدور الثاني للانتخابات التشريعية المبكرة، وبلغت نسبة المشاركة فيها 11.3%، وفق رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس فاروق بوعسكر.
وينتظر الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني في أجلٍ أقصاه 1 فبراير المقبل، على أن يتم إعلان النتائج النهائية عقب غلق ملفات الطعون بما لا يتجاوز 4 مارس المقبل.