ويستمر الجدُّ الداعية الرباني محافظاً على جَلَساته الأسبوعية مع الأبناء والأحفاد معلّماً ومرشداً ومربياً!
أحد الأبناء مستغرباً:
دعاة الشذوذ متمسكون بمنكرهم وشذوذهم من ناحيتين:
هم يدعون غيرهم لهذا الشذوذ والانحراف الفاحش المقيت!
ومن ناحية أخرى يُجرّمون من يرفضهم ويمقتهم لأجل قاذوراتهم!
الجد:
إنها انتكاسة للفطرة السليمة وتمرد على منهج الله في الحياة حيث خلق الله الذكر والأنثى ولكل خصائصه وواجباته وحقوقه!
أحد الأحفاد:
لقد قصَّ علينا إمام المسجد -جزاه الله خيراً- قصة نبي الله لوط عليه السلام، وقد حذّر قومه ونهاهم عن هذه الفعلة الشنيعة؛ فهددوه وتوعدوه بإخراجه من قريتهم!
ولكن نبي الله لوطاً عليه السلام ثبت داعياً محذراً ومذكراً حتى أنجاه الله وأهله إلا امرأته، ثم أنزل عقابه المرعب على قوم لوط فقلب قريتهم وأنزل عليهم حجارة من سجيل!
الجد الداعية الرباني يشكر حفيده لمعرفته قصة قوم لوط عليه السلام وتذكره لأحداثها، ثم يعقب الجد:
إننا يجب أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونعرّفَ الناس بخطورة الشذوذ الجنسي؛ تلك الخطورة الساحقة والماحقة للبشرية من حيث انقراض البشر وانتشار الأمراض القاتلة جرّاء انتشار الرذيلة.
عيالي وأحبابي، أذكّر بحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وإنَّ المُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ ما حَرَّمَ عليه» (رواه مسلم)، ومن غَيرة المؤمن على حرمات الله أمرُه بالمعروف ونهيه عن المنكر؛ وهنا تتميز شخصية المسلم الذي يحب الله ورسوله ويغار على حرمات الله، وإن الله تعالى يحب المؤمن الذي يغار على حرمات الله تعالى ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
عيالي، ونحن في هذا العالم كأننا نركب سفينة ضخمة عظيمة، والبعض يريد أن يخرق أو يحرق السفينة بحجة الحرية الشخصية، وهذا كحال المفسدين أهل الشذوذ والمنكر، فيجب على ركاب السفينة أن يمنعوهم وينهوهم وإلا غرقت السفينة وهلك الجميع!
والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يصور لنا هذا المشهد بأبلغ صورة وأروع تمثيل، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: “مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعاً” (أخرجه البخاري).
أبنائي وأحفادي، ليكن لديكم منهجية وفهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر أجهزة التواصل الاجتماعي المنوَّعة، علِّموا الجاهلين وذكِّروا الغافلين ونبهوا الشاذين والمنحرفين.
اختطاف الأطفال من ذويهم، وزواج الشاذين، والرغبة في التحول إلى كلاب بشرية تُجَر بحبل كما هو حال الكلاب، والتعبير بالنباح في بعض التجمعات، والزواج من البهائم، وتجريم من يعارض الشاذين.. وغيرها جرائم أخلاقية تبرأ منها كل الأديان والقيم والأخلاق والفطرة السليمة.
تواصلوا معهم وحاوروهم بلغتهم إن كنتم مهرة ومتميزين في اللغة الأجنبية.
إن تميزَنا أيام الفتن هو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ينبع من غَيرتنا على محارم الله وحدوده؛ ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (لقمان: 17).
إن غَيرتنا على محارم الله لدليل علم وإيمان ويقظة، مهما عظمت الإغراءات والدعوات والشهوات؛ ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (يوسف: 33).
والغَيرة على المحارم لدليل صدقٍ على المضي في درب العفاف والإيمان والإسلام بل والدعوة إلى الإسلام؛ ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (فصلت: 33).
إن مما يميز أجيال المسلمين ومنذ قرون هو الغَيرة على حرمات الله تعالى، والخوف من الله وحده، والجرأة في مواجهة أعداء الإسلام.
ولقد صوّر شاعر الإسلام محمد إقبال رحمه الله تعالى هذا الأمر في أبيات من قصيدته الرائعة فقال:
لَـمْ نَخْـشَ طَاغُوتَـاً يُحَارِبُنـَا ولَوْ نَصَبَ المَنَايَا حَوْلَنَا أسْوَارَا
نَدْعُوا جِهَارَاً لا إلَهَ سوَى الَّـذِي صَنَعَ الوُجُودَ وقَـدَّرَ الأقْـدَارَا
ورؤوسُنَا يـا رَبُّ فَـوْقَ أكُفِّنـَا نَرْجُو ثَوَابَكَ مَغنَمَـاً وجـِوَارَا
كُنَّا نَرَى الأصْنَامَ مِـنْ ذهـبٍ فَنَهْدِمَهـَا ونَهْـدِمَ فَوْقَهَا الكُفَّـارَا
لَوْ كَانَ غَيْرُ المُسْلمينَ لحَازَهـَا كَنْزَاً وصَاغَ الحُلِيَّ والدِّيِنَـارا
والحمد لله ربِّ العالمين.