تسود حالة من الخوف والقلق الأوساط المختلفة في الكيان الصهيوني من العمليات الفدائية الأخيرة التي وقعت في مدينة القدس المحتلة.
حالة الخوف والقلق هذه ليست نابع من وقوع هذه العمليات الفدائية، فهي متوقعة بحسب الدوائر الأمنية الصهيونية، ولكن الخوف والقلق نابع من كون من نفذ هذه العمليات الفدائية الكبرى هم فتية صغار أعمارهم تتراوح ما بين 13 إلى 17 عاماً.
ونفذ مؤخراً ثمانية فلسطينيين تبلغ أعمارهم ما بين 13 إلى 17 عاماً سلسلة عمليات فدائية في مدينة القدس المحتلة أسفرت عن مقتل 4 “إسرائيليين” وإصابة 9 اخرين بجراح عدد منهم في حالة الخطر الشديد.
محمد عليوات، محمد زلباني، محمد أبو قطيش، محمد الشيخ، محمد دار يوسف، نسيم أبو رومي، عمر أبو عصب، ويوسف أبو الهوى؛ فتية مقدسيون كتبوا أسماءهم بمداد من الفخر والعزة وهم يرسمون أروع ملامح البطولة والفداء دفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك والمقدسات في سلسلة عمليات هزت الكيان العبري وجعلته يتخبط.
وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن حالة القلق والخوف التي تسود أوساط المؤسسة الأمنية الصهيونية، من ظاهرة جديدة تتعلق بمن أسمتهم “المقاومين الفلسطينيين المراهقين”.
ونقل موقع “واي نت” العبري، أن الهجمات الفدائية الثلاث، التي وقعت في الأسابيع القليلة الماضية كشفت عن ظاهرة مقلقة تتمثل بضلوع “مقاومين مراهقين” ينطلقون لتنفيذ هجمات في جميع أنحاء الدولة العبرية، مستعرضاً هذه العمليات بالتحديد وأسماء منفذيها واعمارهم.
وإن كانت الأوساط الأمنية الصهيونية قد فوجئت بهذا الجيل الذي هب للدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات، إلا أننا وكمراقبين ومتابعين للشأن الفلسطيني لم نفاجئ بذلك لأن هذا الجيل تاريخياً كانت له صولات وجولات في مقارعة الاحتلال وكان عنوان الكثير من المراحل في مقاومة المحتل.
فمن نسي “أشبال الآر بي جي” الذين كانت مهمتهم اصطياد الدبابات “الإسرائيلية” خلال الغزو الصهيوني لبيروت عام 1982م.
كما أنه لا زالت انتفاضة الحجارة التي اندلعت نهاية عام 1978م عالقة في أذهان الجميع والتي قادها الأطفال وكانت تسمى باسم “انتفاضة أطفال الحجارة”، في حين تغنى كبار الشعراء بتلاميذ غزة “يا تلاميذ غزة علمونا”.
هذا الجيل سعى الاحتلال وعلى مدار التاريخ من أجل احتوائه وتدجينه بمساعدة العديد من الأوساط الإقليمية والدولية، ولكنه فوجئ به في كل مرة يكون هو صاحب المبادرة وهو من تكون له الكلمة الفصل في الكثير من المعارك.
سن المراهقة أو سن الشباب الصغير يؤكد علماء النفس أن اهتماماته تكون في كيفية إشباع رغباته لأن طبيعة المرحلة العمرية له تحتم عليه ذلك، فهو لا زال في مرحلة الطفولة ويستعد لدخول مرحلة الشباب التي فيها المرح والسعادة لكن هذه القاعدة لا تنطبق على الفلسطيني فهو في حالة استنفار دائم بأطفاله وشبابه وشبيبه ونسائه منذ أن احتلت أرضه عام 1948م.
ثقافة المقاومة
خلال هذه السنوات الطويلة من الاحتلال تشرب الشعب الفلسطيني المقاومة لتصبح ثقافة سائدة في المجتمع يرضعها الطفل منذ ولادته، ثم من يدهن جسمه بزيت الزيتون وهي العادة التي تعرفها الأمهات الفلسطينيات باسم “التمريج” والتي تعرف طبيا باسم “المساج” ولكن باستخدام زيت الزيتون وليس أي مرطبات أخرى، الأمر الذي يعطي هذا الطفل قوة ورشاقة في مرحلة الشباب إضافة إلى غزة النفس والشموخ والتحدث.
من ثم يغذي هذا الفتى عقله بزعتر بلاده، هذه النبتة البرية التي تنبت في جبال فلسطين، وكذلك من زيتونيها وتينها وكل ثمارها التي يحاول الاحتلال سرقتها ونسبها له زوراً وبهتاناً.
ما كان لهؤلاء الفتيان أن يتركوا أدوات اللهو المختلفة في هذا العصر ووسائل الترف ويمتشقوا السلاح إلا من خلال عقيدة إيمانية دفعتهم بعد أن أوغل العدو في شعبهم، ثم عقيدة قتالية سليمة تعرف عدوها وهدفها جيداً، وعقيدة وطنية أحبت فلسطين ودافعت عنها وتستعد للموت من أجلها.
هذه الظاهرة المقلقة للاحتلال ستكون مثار بحث لدولة الاحتلال ولمراكز أبحاث دولية مختلفة ستصل إلى فلسطين لتعرف الإجابة على سؤال واحد “لماذا حمل هذا الفتى السلاح؟”، وذلك من أجل رفع الاجابة إلى جهات الاختصاص في دولهم لرسم سياساتهم المستقبلية، والإجابة ببساطة لأن جينات الفلسطيني تختلف عن أي جينات أخرى.