قال فضيلة د. الشيخ يوسف القرضاوي، حفظه الله تعالى، في مقابلة أجرتها معه مجلة “الإصلاح” الصادرة في دبي، إحدى الإمارات العربية، وقد سئل السؤال التالي:
عند الحديث عن الصحوة الإسلامية، تبرز بشكل لافت للنظر قضية تعدد الجماعات الإسلامية العاملة في ساحة الدعوة دون أن يختفي الخلاف، وربما التنافر الذي يفصل بعضها عن بعض في أحيان صحية، فما المفهوم الصحيح الذي يجب أن يسود بين هذه الجماعات لتوظف طاقاتها مجتمعة في خدمة مصلحة المسلمين كافة؟
فكان جواب فضيلته:
كثيرة.. هل تعتقد أن ظاهرة التعددية ظاهرة؟ التعددية ظاهرة مفروضة، فرضها غياب فريضة كبرى من فرائض الإسلام، فإذا عدنا إلى الصدر الأول عهد النبوة المطهرة وعهد الخلافة الراشدة التي أجمع عليها المسلمون فلا نجد إلا جماعة واحدة تحت قيادة واحدة هي جماعة المسلمين تحت إمامة واحدة لرسول الله صل الله عليه وسلم، ثم تحت إمامة الخليفة الراشد من بعده.
وظل العمل للإسلام على هدي جماعة واحدة وتحت إمامة راشدة واحدة حتى اختفت الخلافة الراشدة المبايعة بيعة شرعية من مسلمي الأرض، فقام أعلام الدعاة المصلحون المخلصون بالدعوة إلى الله من أجل الإسلام، ومن ثم نشأت الجماعات وتعددت؛ أي أنه لا تعدد في الجماعات الإسلامية إذا كان المسلمون يعيشون تحت سلطان خلافة راشدة انعقدت ببيعة شرعية، أما اليوم وقد غابت الخلافة عن حياة المسلمين فعلى الجماعات الإسلامية أن ينسق بعضها مع بعض، وأن يكون هناك قدر من التفاهم والتعاون بينها.
ومن الأسباب التي أدت إلى مثل هذا التعدد: رغبة العاملين للإسلام في استيعاب أكبر عدد ممكن من المسلمين في إطار العمل الإسلامي، وذلك حفاظاً على الشعوب المسلمة من الضياع، وصوناً لها من مطامع الأعداء، وتجميعاً وتوجيهاً لجهودها نحو الأهداف المشتركة.
ولا يخفى على أحد مدى تفاوت أمزجة المسلمين ومشاربهم اليوم، وعدد آرائهم واجتهاداتهم التي لا يمكن أن يستوعبها تنظيم واحد، أو تحكمها قيادة واحدة، ولا سيما في غياب الجماعة التي يعترف الجميع لها بالكمال، فينطوون تحت لوائها ولا يجدون حاجة لوجود تجمعات أخرى مع وجودها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* العدد (916) – تاريخ العدد:11شوال 1409هـ – 16مايو 1989م – ص44–47.