سعادة وزير التربية د. أحمد الربعي..
لا بد أنكم تستشعرون -كما هو حال أهل الكويت- عظيم نعمة الله علينا في رد المعتدي الظالم وتطهير أرضنا من آثامه وشروره بعد شهور مظلمة من الاحتلال والتشريد والحيرة عاشها شعبنا الصامد الصابر إلى أن مَنَّ الله علينا بالفرج والتحرير وعادت البلاد إلينا وعدنا إليها منصورين.
وهذه ليست إلا نعمة واحدة من نِعَم كثيرة وعظيمة مَنَّ الله علينا بها في الكويت، ولعل من أعظمها هذا الإقبال الكبير من الكويتيين على الالتزام والتمسك بالآداب الإسلامية، والحرص على عمل الخير ونبذ الشرور والمخالفات الشرعية والانحرافات الاجتماعية، وهكذا كان مجتمعنا في قديمه حريصاً على الدين وعلومه، وعلى أن ينشأ الجيل الشاب مع القرآن الكريم، وأن يختم الشاب والشابة قراءته منذ نعومة أظفارهما.
وقد استشعر سمو أمير البلاد هذه الطبيعة الإسلامية للشعب الكويتي، ورغب من إيمانه بدور الدين في حماية المجتمع الكويتي واستجابة لمطالب شعبية كويتية، وشكراً لنعمة الله على التحرير وعودة الوطن أن يحقق للبلاد الأمنية الغالية في تحكيم شرع الله وتطبيق أحكامه، فأمر بإنشاء اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
وأوكل سموه لهذه اللجنة مهمة تهيئة الأجواء لمجتمع يطبق أحكام الله، ولا شك أن ذلك لا يتم إلا من خلال تنشئة الشباب تنشئة إسلامية تبدأ بتعليمهم الدين وأحكامه وواجباته، وربطهم بكتاب الله عز وجل.
وإيماناً منها بهذه الحقيقة، تقدمت اللجنة إلى سمو الأمير بتوصية لإدخال منهج خاص بحفظ القرآن إلى المراحل الدراسية الثلاث، وأحال سموه هذه التوصية إلى مجلس الوزراء للتنفيذ، وقام المجلس بدوره بإحالة الموضوع إليكم بصفتكم الوزير المختص لتنفيذه.
لكنكم يا سعادة الوزير لم تنشطوا بتنفيذ رغبة صاحب السمو، وبقيت التوصية عندكم شهوراً طويلة دون أن تتخذوا بشأنها أي إجراء؛ مما دفع مجلس الوزراء مشكوراً لتذكيركم بهذا الموضوع ونأمل أن تنفع الذكرى.
والجميع يعلم ويذكر أنكم قمتم وبجرة قلم وبين عشية وضحاها بفرض تعليم اللغة الإنجليزية على المرحلة الابتدائية، وقمتم بزيادة حصص التدريس باللغة الإنجليزية مع ما يستلزم ذلك من أعباء إدارية ومالية كبيرة، لكن تنفيذ رغبة صاحب السمو بتحفيظ القرآن الكريم للمراحل الدراسية ما زال موقوفاً انتظاراً لقراركم.
سعادة وزير التربية…
إننا حين نأمل منكم -إن شاء الله- الاستجابة لهذا التوجّه الخيّر فإننا لا نشك في أنكم تعلمون أن تهيئة الأجواء لتطبيق أحكام الله إنما تبدأ في المسجد وفي المدرسة من ربط الجيل الشاب بكتاب الله عز وجل وتعاليم الدين الحنيف، ونحن نتوقع منكم الخير في هذا الشأن، ونأمل أن تكونوا سباقين إلى إنجاح هذا التوجه السليم الذي يحفظ للأبناء دينهم وعقيدتهم.
كما لا نشك أنكم تعلمون خطورة وأهمية المناهج التربوية والدراسية في رسم مستقبل الأمة، ونسوق لكم هنا مثلاً من الواقع المؤلم مما يحفزكم للتوجه المضاد له؛ وهو الاجتماعات التي جرت في الولايات المتحدة أخيراً بين أكاديميين «إسرائيليين» وغربيين وعرب معروفين، وتهدف إلى إدخال التطبيع بين العرب واليهود في المدارس من أجل تهيئة الأجيال الشابة المسلمة لأن ترضع القبول بحقيقة وجود الكيان اليهودي من خلال مناهج التربية والتعليم، ويمكنكم الرجوع إلى عدد «المجتمع» رقم (1099) الصادر في (29 ذو القعدة/ 10/5/1994م) وفيه إشارة إلى تلك الاجتماعات وما جرى فيها.
ود. أحمد الربعي مسؤول بصفته وزيراً للتربية أن يقف في وجه هذه المساعي المريبة من «إسرائيل» وأعوانها في العالم العربي، وألا يشهد عهده وقوع الغزو اليهودي لعقول أبنائنا وشبابنا، وخير سبيل لحمايتهم من هذه الدسائس هو في تحصينهم بكتاب الله عز وجل وتدعيم إيمانهم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة.
نأمل من السيد الوزير التجاوب سريعاً مع توجيهات صاحب السمو أمير البلاد ورغبة الشعب الكويتي، وفوق ذلك كله امتثالاً لأوامر فاطر السماوات والأرض، لإعطاء مادة القرآن الكريم والتربية الدينية بشكل عام ما تستحقه من مكانة بين المناهج التربوية الأخرى، وتوفير الحصص الدراسية لها، واختيار المدرسين والمعلمين والمؤهلين لتقديم كتاب الله عز وجل إلى الأجيال الناشئة، «وهو الهادي إلى سواء السبيل».
[1] العدد (1106)، عام 1994م، ص10.