لا ينكر أحد أن الاستثمار العقاري في الكويت يعد محوراً مهماً من محاور تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد، خاصة في تلك الظروف التي تمر فيها الكويت بأزمة اقتصادية مستعصية.
ومن المعلوم أن تنشيط الاستثمار العقاري يسهم في تشغيل الأيدي العاملة، وتحريك عملية الاتجار في مواد البناء بشكل عام؛ كالإسمنت والحديد والأخشاب والأصباغ، والأدوات الكهربائية، والصحية، وغيرها من مستلزمات البناء الكثيرة، ومن ثم تحريك المواد التجارية الأخرى عند إتمام المنشآت كالمفروشات والأثاث والقطع الكهربائية، مما تحتاج إليه تلك المنشآت، وبعبارة مختصرة؛ فإن تحريك عملية الاستثمار العقاري يصحبها تحريك الأنشطة التجارية في الكويت بشكل عام.
ومعنى ذلك بوضوح أن تنشيط الاستثمارات العقارية من خلال القوانين المرنة سيحرك العملية التجارية بشكل واسع، كما سيحرك عملية الاستيراد والإنتاج المحلي بما يتطلبه التعمير، وبشكل يسهم إسهاماً كبيراً في النمو الاقتصادي.
لكن قوانين البلدية غير المرنة، التي تم إصدارها منذ حقبة طويلة من الزمن، تقف حجر عثرة في سبيل ذلك، وأدت إلى خروج رؤوس الأموال لاستثمارات عقارية أفضل من الخارج (في أوروبا، وأمريكا، وشرق آسيا، ودول مجلس التعاون الخليجي).
لقد وضعت قوانين البلدية هذه عندما كانت أسعار الأراضي رخيصة جداً، مما جعل حركة التعمير والبناء في الماضي أكثر نشاطاً مما هي عليه الآن، أما بعد ارتفاع أسعار الأراضي ارتفاعاً كبيراً وبقاء هذه القوانين جامدة عند نسب قليلة للبناء وارتفاع محدود في العمارات؛ فإن ذلك يجعل المواطنين يتوقفون عن تعمير أراضيهم، ويرغم التجار على عدم الإقدام على شراء الأراضي الاستثمارية؛ لأن واردها بالنسبة لأسعار الأراضي لا يغطي تكاليفها، والسبب هو قوانين البناء المشار إليها.
وهنالك جهود رسمية وشعبية لتعزيز دور الاقتصاد الوطني، ونحن كمواطنين علينا أن نسهم بمقترحاتنا لتنشيط الحركة الاقتصادية، وأهم باب من أبواب ذلك التحريك هو تحريك عملية التعمير في الكويت بشكل يجذب المستثمر، ويسهم في منع خروج رؤوس الأموال الكويتية للاستثمارات العقارية في الخارج، بل يستجذب رؤوس الأموال الكويتية المستثمرة في الخارج.
فإذا كنا جادين بحق، فلتبدأ الخطوات السريعة العاجلة حول تحريك عملية الاستثمار العقاري، وتقع المسؤولية المباشرة بهذا التحريك على رئيس وأعضاء المجلس البلدي الذين نأمل، إن شاء الله، أن يأخذوا الموضوع بجد، وأن يضعوا مصلحة البلاد العليا فوق كل اعتبار، ولا يلتفتوا إلى المثبطين.. ولا شك أنهم حريصون على مصلحة الوطن، ونأمل أن يكون حرصهم متجسداً في القرارات التي ستتخذ في تنشيط الاستثمار العقاري؛ لما لذلك من فوائد آنية ومستقبلية، ولا يفوتنا هنا أن تنشيط عملية البناء بقوانين مرنة سيوفر السكن الممتاز، وبأسعار ميسرة، ولا ننسى أن هناك ما يربو على خمسين ألف أسرة كويتية ينتظرون السكن الحكومي الذي قد يطول سنين وسنين، ولذلك أصبحت الضرورة ملحة من هذه الناحية الاجتماعية المهمة أن نشجع المستثمر الكويتي على توفير السكن للمواطنين الكويتيين الذين أحجم قسم كبير منهم عن الزواج لعدم توفر السكن الملائم، وهذه الضرورة الملحة أيضاً يجب أن تكون واضحة لرئيس وأعضاء المجلس البلدي.
[1] العدد (1198)، عام 1996م، ص12.