الرياء من أشد أمراض القلوب وأكثرها فتكا بالعمل الصالح فهي الشرك الخفي ولص العمل الصالح وخبيئة الشيطان في قلب المؤمن ولكن كيف للإنسان التخلص من هذا الداء وهو أخفى من دبيب النمل؟ والحقيقة أن التخلص من هذا الداء لا ينقضي بين ليلة وضحاها وإنما جهاد للنفس عظيم وتدريب لها على الإخلاص وإحلاله محل العمل الفاسد وإليكم أهم 5 وسائل معينة على تحقيق ذلك :
1 استحضار مراقبة الله تعالى للعبد
وهذه درجة المحسنين المخلصين فيالسير إلى ربهم دون التفات أو توقف إنهم يسيرون إلى الله عرجى ومكاسير لا ريب يرتكبون المعاصي ولكنهم سرعان ما يتذكرون أن الله رقيب وشاهد ومطلع على العورات وأن الله أقرب لابن آدم من حبل الوريد فكيف يعصي المرء ربه وهو شهيد عليه وإن تحقيق الكمال في هذا المقام مفسد لكل لذة دنيوية لا يدع صاحبه إلا محلقا حول فضاءات الرضا والترقي
2 الاستعانة بالله تعالى على التخلص من الرياء
ولا شيء يستطيع الإنسان إدراكه بغير الاستعانة فهي مفتاح القبول وشرط القدرة وقوة الساعد وقد قرن الله العبادة بالاستعانة في أم الكتاب فقال ” إياك نعبد وإياك نستعين” وإن الله يحب من عبده أن يظهر الضعف بين يديه معلنا حاجته إليه وقوة خالقه وقهره لعباده وطلبه منه الاستعانة على نفسه التي بين جنبيه
3 معرفة مغبة الرياء في الدنيا والآخرة
لما كان الرياء ضربا من الإشراك بالله فإن معرفة عاقبته في الآخرة ضرورة ملحة لأصحابه لا سيما وهو يتسرب إلى قلوب العباد مستغلا مواطن الغفلة ولحظات الضعف وهو الذي يحبط الأعمال فقد قالالله تعالى في حديثه القدسي “أنا أغنى الأغنياء عن الشرك.. من عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشأنه”
فالامر ليس مرده إلى الذنب فقط فربما استتاب الرجل من ذنبه بعد قليل وإنما حتى هذه الأعمال الصالحة التي تستغرق الأموال والأعمار ويدخرها الرجل لصحيفة أعماله تطيح مع هذه الخطيئة البائسة
4 الحذر من عقوبة الرياء في الدنيا
إن عقوبة الرياء ليست في الآخرة فقط وإنما توعد الله بعقابه في الدنيا بفضحه بين الناس وإظهار نواياه وسلبه التوفيق والمحبة من قلوب الخلق ومن ثم معاملته بنقيض قصده فبينما يرائي أحدهم ليظهر نفسه أمام الناس فإنما يعافه الآخرون ويبغضون صحبته وينفرون منه فلا طال أربه في الدنيا ولا أجر له في الآخرة
5 تحري إخفاء العبادة وعدم إظهارها
إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومن خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل وليس أفضل من ابتغاء الشيء إلا بتحريه فعلاج الرياء الناجع هو تحري عبادة الخلوات وادخار الخبيئات الصالحات بين العبد وربه والسير إلى الله في خفوت القلوب وهمس المحبة والدعاء في السحر وتحري البعد عن عيون الناس