قال هشام بن الكلبي: أوحى الله تعالى إلى أرميا عليه السلام فيما بلغني: أني عامر بيت المقدس فأخرج إليها فأنزلها، فخرج حتى قدمها وهي خراب، فقال في نفسه: سبحان الله أمرني الله أن أنزل هذه البلدة، وأخبرني أنه عامرها، فمتى يعمرها؟ ومتى يحييها الله بعد موتها؟
ثم وضع رأسه فنام، ومعه حماره وسلة من طعام، فمكث في نومه سبعين سنة، حتى هلك بختنصر، والملك الذي فوقه، وهو لهراسب، وكان ملكه مائة وعشرين سنة، وقام بعده ولده بشتاسب بن لهراسب، وكان موت بخت نصر في دولته، فبلغه عن بلاد الشام أنها خراب، وأن السباع قد كثرت في أرض فلسطين، فلم يبق بها من الإنس أحد.
فنادى في أرض بابل في بني إسرائيل: أن من شاء أن يرجع إلى الشام فليرجع، وملَّك عليهم رجلا من آل داود، وأمره أن يعمر بيت المقدس ويبني مسجدها، فرجعوا فعمروها، وفتح الله لأرميا عينيه فنظر إلى المدينة كيف تبني، وكيف تعمر، ومكث في نومه ذلك حتى تمت له مائة سنة، ثم بعثه الله وهو لا يظن أنه نام أكثر من ساعة، وقد عهد المدينة خرابا فلما نظر إليها عامرة آهلة، قال: أعلم أن الله على كل شيء قدير.
والخلاصة من هذه القصة الواردة في القرآن الكريم أن الله على كل شيء قدير وأن اليأس ليس من خلق المؤمنين إذ ينافي الإيمان بقدرة الله على التغيير