أهل عقيدة سليمة ودعوة صادقة
عرفت «الإخوان المسلمون» عن قرب، والتقيتُ بقيادتهم وعلى رأسهم الإمام المؤسس لدعوتهم الشيخ حسن البنا، رحمه الله، فعرفتهم جماعة إسلامية أصيلة مخلصة، داعية بنشاط إلى التوحيد، وإلى العقيدة الصحيحة، والشريعة السليمة على منهج أهل السُّنة والجماعة.
كما عرفتهم أهل جهاد صادق لرفعة كلمة «لا إله إلا الله»، يتميزون بالحكمة، ويحرصون على السُّنة، وينبذون البدع والضلال، معتدلين متوازنين، فلا تفريط ولا إفراط، وهذا دأبهم في كل أمر.
ففي أمور العقيدة يقول الإمام حسن البنا، رحمة الله عليه: «والعقيدة أساس العمل»، ويقول: «معرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة، وما يليق بذلك من التشابه نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل»، ويقول: «وكل بدعة في دين الله لا أصل لها -استحسنها الناس بأهوائهم، سواء بالزيادة فيه أو بالنقص منه- ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل التي لا تؤدي إلى ما هو شر منها».
ويقول: «وزيارة القبور أياً كانت سُنة مشروعة بالكيفية المأثورة، ولكن الاستعانة بالمقبورين أياً كانوا ونداءهم لذلك، وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بُعد، والنذر لهم، وتشييد القبور وسترها، وإضاءتها، والتمسح بها، والحلف بغير الله، وما يلحق بذلك من المبتدعات، كبائر تجب محاربتها، ولا نتأول لذلك سداً للذريعة».
ويقول في «رسالة العقائد»، في تعليقه على خلاف السلف والخلف في أمر آيات الصفات وأحاديثها: «ونحن نعتقد أن رأي السلف من السكوت، وتفويض علم هذه المعاني إلى الله تبارك وتعالى أسلم وأولى بالاتباع؛ حسماً لمادة التأويل والتعطيل».
وغير ذلك كثير التي يلخصها الإمام البنا بقوله عن «الإخوان المسلمون» أنهم: «دعوة سلفية؛ لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام، وإلى معينه الصافي من كتاب الله وسُنة رسوله، وطريقة سُنية؛ لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسُّنة المطهرة في كل شيء، وبخاصة في العقائد والعبادات».
وهذ الذي يتربى عليه شباب «الإخوان المسلمون»، وفصلته الأعداد الضخمة من الكتب التي كتبها تلاميذ مدرسة البنا من العلماء وطلاب العلم، ومن أمثلتها ما كتبه الدكتور الفاضل عمر الأشقر في سلسلة مفصلة عن العقيدة، وما يتربى عليه شباب «الإخوان المسلمون» من كتاب «الإيمان والحياة» للدكتور الفاضل يوسف القرضاوي، وكتاب «الإيمان» للدكتور الفاضل محمد نعيم ياسين، وغيرها الكثير من الكتب الصافية في عقيدتها، والداعية إلى نبذ أي انحراف أو بدع فيها.
كما عرفتهم أهل جهاد لنصرة الدين، كما لا تكاد تخلو ساحة جهاد لنصرة دين الله، إلا ولهم نصيب كبير بالمال والنفس.
وجهادهم ملتزم بحكمة الإسلام، فلا تطرف فيه، ولا إرهاب، ولكنه دعوة وعمل مخلص، لتكون كلمة الله تعالى هي العليا.
«الإخوان المسلمون» كما عرفتهم من خيرة الجماعات الداعية للإسلام، والحديث عنهم، وسلامة أهدافهم، ومقاصدهم الخيرية، يحتاج الكثير من الوقت، ولكنها نبذة أحببت تقديمها لمن لم يعرفهم، ولم يقرأ كتبهم، وإنما يسمع عنهم من نقل غير سليم فيلتبس عليه الأمر.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات: 6).
ولا يفوتني هنا أن أذكر بوضوح المؤامرات الحديثة التي تكاد أن تكون مستمرة منذ بروز نشاط «الإخوان المسلمون» على الساحة الإسلامية.. هذه المؤامرات التي يقودها ضباط ومسؤولون تربوا في أحضان المخابرات الغربية و «الموساد»، وهم عملاء لتلك الجهات.. يضربون الصحوة، ويكيلون التُّهم جزافاً لمحاولة التشكيك في سلامة توجه الإخوان والصحوة الإسلامية.
أقول ذلك على ما ألمسه في الآونة الأخيرة من محاولات النَّيْل من تلك الجماعة، والزج بأفرادها بالسجون والمعتقلات بدون تهمة، لا لشيء إلا لأنهم قالوا ربنا الله ثم استقاموا، ولأنهم يريدون سلامة البلاد من الظلم والاستبداد، وخنق الحريات، وضياع القيم، والتبذل، والمجون والانحراف.
هذه معرفتي بـ«الإخوان المسلمون».. معرفة شخص عرف مسيرتهم، وتابع منهجهم القويم، لعلي بهذا أوضح للقارئ الكريم صورة من الصور المشرقة عن أكبر جماعة إسلامية تحظى باحترام الشعوب المسلمة.
[1] – العدد (1161)، عام 1995م، ص34.