أعظم ما أوجبه الله تعالى توحيده وإخلاص العبادة له في كل مكان وفي كل زمان، لا سيما في هذه البقعة العظيمة المباركة، فإن من الواجب إخلاص العبادة لله وحده في كل مكان وفي كل زمان، وفي هذا المكان أعظم واجب، فيخلص لله عملاً وقولاً من طوائف وسعي ودعاء وغير ذلك، وهكذا بقية الأعمال كلها لله وحده جل وعلا، مع الحذر من معاصي الله عز وجل، ومع حذر من ظلم العباد وإيذائهم بقول وعمل، فالمؤمن يحرص كل الحرص على نفع إخوانه والإحسان لهم وتوجيههم إلى الخير، وبيان ما قد يجهلون من أمر الله وشرعه مع الحذر من إيذائهم وظلمهم عن دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، بل يحب له كل خير ويكره له كل شر أينما كان، ولا سيما في بيت الله العتيق وفي حرمه الأمين وفي بلد رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله جعل هذا الحرم آمناً، جعله آمناً من كل ما يخافه الناس، فعلى المسلم أن يحرص على أن ينصح أخاه ويرشده ولا يغشه ولا يخونه ولا يؤذيه لا بقول ولا بعمل، فقد جعل الله هذا الحرم آمناً، كما قال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً) (البقرة: 125)، وقال جل وعلا: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا) (القصص: 57).
فالمؤمن يحرص كل الحرص على تحقيق هذا الأمن، وأن يكون بنفسه حريصاً على الإحسان لأخيه وإرشاده إلى ما ينفعه ومساعدته دنيا وديناً على كل ما فيه راحة ضميره وإعانته على أداء المناسك، كما أنه يحرص كل الحرص على البعد عن كل ما حرم الله من سائر المعاصي، ومن جملة ذلك إيذاء العباد، فإن ذلك من أكبر المحرمات، وإذا كان مع حجاج بيت الله الحرام ومع العمار صار الظلم أكثر إثماً، وأشد عقوبة، وأسوأ عاقبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العدد (1439)، ص57 – 27 ذو القعدة 1421ه – 20/2/2001م.