تعددت مجالات الدعم والمساندة التركية للقضية الفلسطينية بشكل لافت؛ مما عزز من صمود الفلسطينيين في وجه مخططات الاحتلال الصهيوني وعدوانه المستمر، وفتح هذا الدعم آفاقاً سياسية متنوعة ساهمت بشكل فعال في خدمة القضية الفلسطينية ومقاومتها للمحتل الصهيوني، وهذا الدور الكبير يرجع الفضل فيه للرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، وحزبه «العدالة والتنمية» الذي يرأسه، على هذا الاحتضان لفلسطين وقضيتها العادلة، والدفاع عنها في المنابر والمحافل الدولية منذ وصوله للحكم في تركيا.
في هذا التقرير، تتناول «المجتمع» الآثار العميقة للدور التركي المساند للقضية الفلسطينية الذي انعكس على استمرار تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، في كافة المجالات في مواجهة الإجراءات الصهيونية التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية.
بداية، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رئيس مؤسسة القدس الدولية في فلسطين أحمد أبو حلبية لـ«المجتمع»: حين الحديث عن الدور التركي برئاسة الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، تعجز الكلمات عن وصف هذا الدور الذي عزز من مكانة القضية الفلسطينية، ودعم المقاومة في غزة، وخفف من آثار الحصار الصهيوني على القطاع، بالإضافة لتنفيذ مشاريع متنوعة في المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس ساهمت بدون شك في تعزيز صمود أهلها في وجه عمليات التهويد والاستيطان من الاحتلال الصهيوني الذي يسعى لطمس هوية المدينة المقدسة الحضارية والإسلامية.
وأشار أبو حلبية إلى أنه أشرف مباشرة على مشاريع لا حصر لها مولتها تركيا في الأماكن المقدسة بمدينة القدس بهدف الدفاع عنها، يضاف لذلك تمويل مؤسسات وجمعيات تقدم تبرعات مالية للأسر الفقيرة والمتعففة وعوائل الشهداء والجرحى في قطاع غزة بشكل مستمر، وهذا الدعم لا حصر له على مدار السنوات الماضية.
وبيَّن أن تركيا تقدم دعماً سياسياً لمواقف المقاومة الفلسطينية مع دورها الكبير في تسهيل سفر أهالي قطاع غزة لحضور مؤتمرات فصلية وسنوية، وملتقيات فكرية وسياسية لدعم القدس و«الأقصى»، وتعزيز صمود الفلسطينيين، مع سماحها المستمر لقيادات «حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية بالسفر والإقامة فيها من أجل الدفاع عن قضيتهم العادلة.
وأعرب أبو حلبية عن أمله في أن يتطور الدعم التركي في المستقبل بما يخدم القضية الفلسطينية التي تواجه مخططات استعمارية لتصفيتها، خاصة مع وجود حكومة يمينية صهيونية تنكر حق الشعب الفلسطيني في الوجود عبر تكريس الاستيطان والضم وتقسيم المسجد الأقصى المبارك.
قوافل المساعدات
من جانبه، أكد الباحث في الشأن التركي محمد أبو طاقية لـ«المجتمع» أن هناك عدة عوامل رسخت العلاقة التركية الفلسطينية في عهد الرئيس «أردوغان»، أهمها أن القضية الفلسطينية تشغل حيزاً كبيراً في وجدان الشعب التركي، بل ويعتبرون القضية الفلسطينية هي قضيتهم، يضاف لذلك الواقع الإنساني مع الحصار الصهيوني المستمر منذ 17 عاماً، الذي ساهم في ارتفاع الاهتمام التركي بغزة، وحضور غزة كعنوان للمقاومة الفلسطينية في الوجدان التركي، وتسجيل الشعب الفلسطيني إنجازات متتالية في ترسيخ قضيتهم العادلة والدفاع عنها بكل الوسائل.
وأشار أبو طاقية إلى أن موضوع الحصار من ناحية قانونية وأخلاقية انعكس على حجم المشاريع والمساعدات التركية، منها على سبيل المثال «أسطول الحرية»، وسفينة مرمرة ومجزرة الاحتلال الصهيوني بحقها، حيث استشهد عدد من المتضامنين الأتراك، وقوافل المساعدات البرية والبحرية، وهذا يعود للمكانة الخاصة لغزة عند الشعب التركي.
وأكد أن دعم الرئيس «أردوغان» للشعب الفلسطيني ساعد في تعزيز الصمود المادي والمعنوي والإعلامي للشعب الفلسطيني، وعلى سبيل المثال أن عمليات التصعيد في غزة تحتل كل العناوين في وسائل الإعلام التركية، وهذا يظهر الاهتمام الكبير بالقضية الفلسطينية.
بدوره، أكد الباحث في الشأن الفلسطيني ثابت العمور لـ«المجتمع» أن تركيا في عهد الرئيس «أردوغان» شكلت دعماً سياسياً واقتصادياً للفلسطينيين في تعزيز صمودهم في وجه مخططات الاحتلال الصهيوني واعتداءاته على قطاع غزة، وذهب باتجاه بناء مشاريع اقتصادية تنموية في القطاع المحاصر، لافتاً النظر إلى أنه كان التحول الأهم والأبرز في الموقف التركي عقب حادثة سفينة مرمرة التي عرفت بـ«أسطول الحرية» لكسر الحصار عن قطاع غزة، الذي أفضى لقطع ثم توتر العلاقات التركية الصهيونية.
وأشار العمور إلى أن القضية الفلسطينية ستبقى في وجدان الشعب التركي وستتعزز عند فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة في تركيا.
مستشفيات ومناطق صناعية
يشار إلى أنه على مدار السنوات الماضية، قدمت وكالة التعاون والتنسيق التركية (TİKA) مشاريع متنوعة وضخمة في فلسطين، ومولت المستشفيات والمدارس، وقدمت دعماً كبيراً للجمعيات الإنسانية للتخفيف من معاناة أهالي قطاع غزة، بالإضافة لدعم القطاعات التعليمية والصحية.
ودعمت الحكومة التركية بناء مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني في وسط قطاع غزة بتكلفة 35 مليون دولار، الذي بدأ العمل به عام 2011م، لتقديم الخدمات الصحية للفلسطينيين، ويشمل كل التخصصات الطبية المجهزة بأحدث غرف العمليات والتصوير الإشعاعي، إضافة للمنحة التركية التي يستفيد منها مئات الطلبة الفلسطينيين سنوياً، وتمويل وإقامة المنطقة الصناعية في مدينة جنين بهدف توفير فرص عمل لآلاف العمال الفلسطينيين.
وخصصت تركيا 10 ملايين دولار سنوياً لدعم قطاعات تنموية فلسطينية مختلفة اعتمدتها الحكومة التركية بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترمب» نقل السفارة الأمريكية للقدس، يضاف هذا إلى الدعم المستمر الذي يقدم لموازنة الحكومة الفلسطينية.
كما تبنت تركيا خطاً سياسياً قوياً في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وإدانة الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني ومقدساته، وتشجع الفعاليات المساندة لـ«الأقصى» والمنددة بجرائم الاحتلال.