على الرغم من الدور الفاعل والنشط لمواقع التواصل الاجتماعي التي تقدم خدمات في الترويج للحملات الانتخابية، لا تزال المقار الانتخابية تحظى باهتمام الناخبين والناخبات من مختلف الأعمار والمكان المفضل لهم باعتبارها ملتقى للتواصل المباشر مع المرشحين.
ومع إعلان بعض المرشحين في انتخابات «أمة 2023» عدم إقامة مقار انتخابية لهم ورهانهم على العالم الرقمي، إلا أن البعض الآخر ما زال يفضل التواصل المباشر مع الناخبين لطرح برنامجه الانتخابي وأهدافه عبر المقار الانتخابية.
تطور تكنولوجي
وفي هذ الصدد، قال أستاذ الإعلام في جامعة الكويت د. فواز العجمي: إن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي بما تشهده من تطور تكنولوجي مستمر وانتشار واسع بين فئات المجتمع الكويتي انعكس بلا شك على الفعاليات الانتخابية خصوصاً في العلاقة بين المرشح والناخب.
وأضاف العجمي أننا بالفعل شاهدنا هذا في إعلان عدد من المرشحين خوض الانتخابات بدون مقرات، لكن أرى أن الانتخابات في الكويت من الصعوبة بمكان خوض المرشح غمارها معتمداً فقط على التواصل الافتراضي مع القواعد الانتخابية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح العجمي أن محددات الفوز في الانتخابات تتطلب عوامل كثيرة يحتاجها المرشح لبناء الثقة مع الناخبين، فتلك الثقة التي يرغب في بنائها تحتاج إلى رسالة إعلامية شاملة وخبرة سابقة حول مواقفه تجاه القضايا التي تهم الناخب.
ولفت العجمي إلى أن بعض استطلاعات الرأي يفتقد المهنية والموضوعية خصوصاً مع غياب آلية واضحة وشفافة في إجراء الاستطلاع ومن الصعب الاعتماد عليها في قراءة دقيقة لتوجهات الشارع الكويتي.
مرشحون بلا مقرات
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. فيصل أبوصليب: إن تجربة خوض مرشحين الانتخابات بلا مقرات، وحتى من مرشحين كانوا نواباً سابقين، حالة جيدة من الممكن تطويرها مستقبلاً، وأن يكون فيها تكرار، ومن شأنها تشجيع مرشحين آخرين على أن يحذوا حذوهم والاكتفاء فقط بالندوات أو المؤتمرات الانتخابية والاستغناء عن المقرات التي تعتبر مكلفة لكثير من المرشحين ولا توفر العدالة لناحية تفاوت الإمكانات المادية.
وأوضح أبوصليب أن بعض المرشحين يمكن ألا تكون لديه الملاءة المالية أو القدرة على تحمل نفقات الحملات الانتخابية وافتتاح مقر له، بالتالي أعتقد أن الاستغناء عن المقار الانتخابية ظاهرة صحية وبداية جيدة من الممكن أن تتطور مستقبلاً، خصوصاً أن وسائل التواصل الاجتماعي أعطت الفرصة وقنوات مهمة تسهل من قدرة المرشح على إيصال أفكاره إلى قطاع عريض من الناخبين داخل المجتمع.
ولفت إلى أهمية وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً في الكويت، ونجد أن «تويتر» مثلاً يأخذ مساحة مهمة في التأثير على الرأي العام وتوجيهه وإيصال الأفكار إلى قطاع عريض من أفراد المجتمع، بمعنى أن له جوانب إيجابية، وأخرى سلبية يجب ألا نتغاضى عنها؛ حيث تكثر الشائعات أو انتشار أخبار محرفة أو مشوهة أو غير دقيقة، وهذا الذي يختلف عن وسائل الإعلام التقليدية التي تتحرى الدقة في عملها وعدم طرح الأخبار دون تحرٍّ كاف حول صحة المعلومات والأخبار.
وتابع أنه يمكن عقد مناظرات انتخابية معدة بشكل جيد وتحضر فيها وسائل الإعلام والناخبون ضمن نطاق الدائرة الانتخابية، وتوجه أسئلة حرفية ومهنية للمرشحين بشكل جيد، وتعطي فرصة للناخبين لمعرفة توجهات المرشحين ورؤاهم وتصوراتهم حول مختلف القضايا.
خطورة الحسابات الوهمية
وعن الحسابات الوهمية وخطورتها، شدد رئيس جمعية المحامين الكويتية المحامي شريان الشريان على خطورة الحسابات الوهمية، محذراً من هذه المنظومـة التي يستخدمها البعض لبث الفتن والأكاذيب وتصفية الحسابــــات.
وقال الشريان: إن التصدي لهذه الحسابات يتطلب تضافر جهود أجهزة الدولة من خلال سن تشريعات وقوانين صارمة والتواصل مع الشركة الأم مثل «تويتر»، و«إنستجرام»، و«سناب شات» وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي لإيقافها، بالإضافة لعمل حملات توعويـة لحمايـــة أفـراد المجتمع من تعرضهم للاحتيال والاستغلال.
وأوضح أننا نعيش حالياً أجواء الانتخابات ونسبة كبيرة جداً من المجتمع تتابع وسائل التواصل الاجتمـاعي، ومنها هذه الحسابات التي بلا شك تؤثر سلباً على المرشحين والناخبين من خلال التعرض للأشخاص والمساس بكراماتهم وذممهم وابتزازهم أحياناً، مطالباً بوجود أمن سيبراني قوي لكشف أصحابها ومموليها ومحاسبتهم.
وذكر أن هذه الحسابات تحولت إلى عمل تجاري لا أخلاقي لتوجيهها ضد أشخاص ومؤسسات ومسؤولين بهدف الانتقام، والمبالغ تدفع بطرق مختلفة منها العملات الرقمية، مشيراً إلى دور جمعية المحامين الكويتية في مواجهة هذه الحسابات من خلال مشاركتها في الكثير من الحملات التوعوية وعقد الندوات الخاصة بالجرائم الإلكترونية لتوعية المجتمع بأخطارها.
وخلص بالقول: إننا في الكويت بحمد الله ننعم بالحريات التي كفلها لنا الدستور، لكن ما تقوم به هذه الحسابات لا علاقة له بحرية الرأي، بل هو تحريض ضد الديمقراطية وتشويه سمعة الأشخاص وبث خطاب الكراهية الذي يعود بالضرر على أفراد الشعب والأمن القومي للبلاد.
شخصيات متوارية
فيما يؤكد الاستشاري النفسي د. خضر بارون أن الحسابات الوهمية وراءها «شخصيات متوارية» تعاني خللاً نفسياً في التواصل مع المجتمع والآخرين، هؤلاء لا يقوون على المواجهة ولا التصريح بآرائهم بشجاعة، لأنها شخصيات تعاني من الخوف ويسيطر عليهم الوهم؛ لذا يعتقدون أن هذا العالم الافتراضي يخفي شخصيتهم الحقيقية، ويعتقدون أن الملعب أمامهم خالٍ للإساءة للمجتمع وإطلاق الإشاعات والإساءة للآخرين، لكن الأخطر أن هؤلاء الأشخاص يمكن أن يكونوا أداة أو ألعوبة في أيدي التنظيمات المتطرفة أو الأشخاص والجهات التي تضمر العداء للمجتمع، ويستخدمونهم بسهولة في تحقيق أهدافهم ببث الفرقة والخلافات بين أفراد المجتمع وإطلاق الإشاعات التي تشوّه الآخرين.