- ما حكم عمل المرأة مع الرجال؟
– إن اللقاء بين الرجال والنساء في ذاته ليس محرماً، بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل، من علم نافع، أو عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهوداً متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاوناً مشتركاً بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ.
ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم، يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا، إنما الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الإسلام، ومنها:
1- الالتزام بغض البصر من الفريقين:
فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (النور).
2- الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم:
الذي يغطي البدن، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) (النور: 31).
وقد صح عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان.
وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) (الأحزاب: 59)، أي أن هذا الزي يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى؛ لأن زيها وأدبها يفرضان على كل من يراها احترامها.
3- الالتزام بآداب المسلمة:
في كل شيء، وخصوصاً في التعامل مع الرجال:
أ- في الكلام؛ بحيث يكون بعيداً عن الإغراء والإثارة، وقد قال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) (الأحزاب: 32).
ب- في المشي؛ كما قال تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ) (النور: 31)، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: (فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء) (القصص: 25).
جـ- في الحركة؛ فلا تتكسر ولا تتمايل كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف بـ “المميلات المائلات”، ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
4- أن تتجنب كل ما شأنه:
أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجل.
5- الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معها محرم:
فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت: “إن ثالثهما الشيطان”، إذ لا يجوز أن يخلى بين النار والحطب، وخصوصاً إذا كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج، وفيه جاء الحديث: “إياكم والدخول على النساء”، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟! قال: “الحمو الموت”! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.
6- أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة:
وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال.
العدد (1686)، ص53 – 4 محرم 1427ه – 28/1/2006م