يترقب العالم طفرات جديدة ناتجة عن تسارع وتيرة التعليم عن بُعد، مع تزايد الاعتماد على استخدام تقنيات الاتصال الحديثة والإنترنت لتوفير التعليم في أي مكان وزمان، وكسب مساحات معرفية جديدة، فيما هو أشبه بغزو جديد لعالم الجهل والظلام.
يعود تاريخ تطور التعليم عن بُعد إلى أكثر من مائتي عام، تحديداً في عام 1729م، على يد التربوي الأمريكي «كاليب فيليبس»، حيث كان يقدم دروساً أسبوعية عبر صحيفة «بوسطن جازيت».
كما أطلقت جامعة إلينوي الأمريكية، عام 1874م، أول منظومة مناهج خاصة للتعليم بالمراسلة، واستخدم الراديو لاحقاً لهذا الغرض عام 1922م، حيث بدأت جامعة بنسلفانيا في تقديم عدد من المقررات عبر الراديو.
وعبر التلفاز، أطلقت جامعة ستانفورد مبادرة عام 1968م لتقديم مقررات لطلاب الهندسة عبر قناة تلفزيونية.
ضغطة زر تنتقل الطالب إلى المدرسة والجامعة
ثم تصاعد الاهتمام بالتعليم عن بُعد مع ظهور الإنترنت، إذ شهد عام 1985م بث أول برامج الدراسات العليا عبر الإنترنت.
ومع بداية الألفية الجديدة، ازداد الإقبال على التعليم عن بُعد، وصار يعول عليه باعتباره مكملاً رئيساً للتعليم المدرسي والأكاديمي.
وتفيد إحصاءات بأن سوق التعلم الإلكتروني تخطت حاجز 315 مليار دولار، خلال عام 2021م، ومن المتوقع أن يصل حجم هذه السوق عالمياً إلى 457.8 مليار دولار بحلول عام 2026م.
مستقبل أفضل
التعليم عن بُعد سيستمر في التطور والتحول في المستقبل، وستوفر التقنيات الحديثة والمبتكرة فرصاً جديدة لتحسين جودته وتعزيز الوصول إليه، في جميع أنحاء العالم، هذا ما أكده د. حسن مكاوي، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، مضيفاً أن التعليم عن بُعد استطاع أن يتجاوز تداعيات انتشار الأوبئة مثل فيروس «كورونا».
وأضاف د. مكاوي، لـ«المجتمع»، أن الوسائل الحديثة أتاحت فرصة التواصل والتفاعل بين المعلم والمتعلم باستخدام إمكانات جديدة وغير مسبوقة من قبل، مشيراً إلى إمكانية استخدام نوع من المزيج بين التعليم المباشر والتعليم عن بُعد.
الإنترنت المجاني سيفتح المزيد من أبواب المعرفة
وشدد على ضرورة معرفة الطلاب بالتقنيات الحديثة، وتزويدهم بكل الإمكانات الممكنة كالإنترنت و«التابلت» وأجهزة تلقي التعليم عن بُعد، لحل مشكلة كثافة الفصول التي تعاني منها الدول الفقيرة.
لكن د. مكاوي يلمح إلى الآثار السلبية للتعليم عن بُعد، وتعرض الطلاب لعزلة، وربما قطيعة مع المجتمع، مضيفاً أن التعلم المباشر وجهاً لوجه هو أفضل شيء؛ لأنه يتيح معرفة الفعل ورد الفعل بشكل تلقائي وسريع ودون أي صعوبات.
استثمار التكنولوجيا
بدوره، يرى عبدالحفيظ طايل، مدير مؤسسة المركز المصري للحق في التعليم، أن الكتاب لا غنى عنه، وهو أفضل وسيلة تعليمية، ولا يمكن أن يتم الاستغناء عنه، وأن التعليم عن بُعد مكمل للكتاب وأداة مضافة.
وأضاف أن التكنولوجيا أداة في يد الطالب أو المعلم تمكنه من الوصول إلى المعلومات بشكل متنوع وأسرع وأفضل من الطريقة التقليدية، لكنه أكد، في الوقت ذاته، أن هناك مشكلة في أن الدراسات تؤكد أن هناك دولاً تهتم بمرحلة التعليم عن بُعد خلال مرحلة الجامعات وتهملها فيما قبل ذلك.
وتابع طايل: يجب أن تكون هناك بنية تحتية جيدة وإنترنت قوي لكي يتم استثمار الوسائل المتاحة بشكل أمثل، بالإضافة إلى فتح مصادر المعلومات أمام الطلبة.
التعليم عن بُعد نجح في تخطي تداعيات جائحة كورونا
منصات حديثة
من جانبه، أكد المعلم جمال الطويل، موجه الرياضيات في إحدى محافظات مصر، أن قدرة التقنيات الحديثة في مجال التعليم على فتح آفاق جديدة من شأنها تغيير وجهة العالم.
ويضيف أن التعليم بدأ من أجهزة عرض تقليدية وصولاً إلى السبورة الإلكترونية والسبورة الذكية وأجهزة «التابلت» والبرامج المتعددة للتعليم عن بُعد، التي كان لها أكبر آثر في تخطي أزمة «كورونا».
وأوضح الطويل أن هناك العديد من المنصات التعليمية المتاحة عبر الإنترنت، التي تقدم مجموعة متنوعة من الدورات التعليمية والتدريبية، ومنها منصة «LMS»، التي أنشأتها بعض الدول العربية، وذلك كدليل شامل للطالب وللمعلم وولي الأمر، جعل التعليم متعة ومنح الطالب القدرة على مشاهدة ما يتم دراسته.
وتابع: من هنا نستطيع الوصول إلى أبعد مدى، فمن الآن لا يوجد عائق في التعليم والتعلم، وخاصة مع التحول الرقمي والطفرة التي يشهدها العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات.