- ما حكم صيام ستة أيام من شهر شوال؟
– صيام ستة من شوال بعد رمضان سُنة مؤكدة، وجاء في الترغيب فيها أن من صامها بعد رمضان فكأنما صام السنة كلها، فمن واظب على ذلك كل سنة فكأنما صام عمره كله.
وقد كره الإمام مالك صيام هذه الأيام؛ مخافة أن يعتقد الناس وجوبها، ولكن مثل هذه التخوفات لا تبطل السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وشهر شوال كله محل لصيام هذه الأيام، فتحصل السُّنة صيام أي ستة من شهر شوال من أوله أو وسطه أو آخره فيما عدا يوم العيد، وليس شرطاً أن تكون الأيام متتالية.
وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على اتباع صيام رمضان بست من شوال، فقد روى عنه أبو أيوب الأنصاري: “من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله” [1]
والمراد بالدهر هنا: السنة؛ أي كأنما صام السنة كلها، فإذا حافظ على صيام ذلك طوال السنين فكأنما صام الدهر.
وقد جاء تفسير ذلك في حديث آخر يقول: “صيام شهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام العام”.
وهل المطلوب في هذه الأيام إلحاقها برمضان مباشرة بحيث يبدأ صومها من اليوم التالي للعيد، كما يدل عليه لفظ “أتبعه”، أم يكفي أن تكون في شوال، وشوال كله تابع لرمضان؟
هذا ما اختلف فيه الفقهاء، ولكني أميل إلى الرأي الثاني.
وانفرد الإمام مالك رضي الله عنه بالقول بكراهة صيام هذه الأيام الستة خشية أن يعتقد الناس أنها جزء من رمضان، ويلزموا بها أنفسهم، وينكروا على من تركها، فكرهها من باب سد الذرائع.
وذكر الإمام الشاطبي أن بعض العجم وقعوا في مثل ذلك؛ حيث تركوا كل مراسم رمضان ومظاهره من إضاءة المآذن ومرور المسحرين على الناس وغير ذلك إلى اليوم السابع من شوال، ولكن مثل هذا الخرف لا ترد به السُّنة، ويجب أن يعلم الجاهل.
وذكر مالك في “الموطأ”: أنه ما رأى أحداً من أهل العلم يصومها، قال الشوكاني: ولا يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسُنة لم يكن تركهم دليلاً ترد به السُّنة، يؤكد ذلك أن ابن عباس ذكر أن في القرآن آيات ترك الناس العمل بها، مثل آية: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ) (النساء: 8).. وغيرها، ولكن إذا صح الحديث بصومها فلا مجال للرأي هنا، وخصوصاً إذا رجحنا عدم إلصاقها برمضان مباشرة، ولعل السر في استحباب صيام هذه الأيام من شوال أن يظل المسلم موصول الحبال بطاعة ربه، فلا تفتر عزيمته بعد رمضان، والله أعلم.
العدد (1774)، ص49 – 16 شوال 1428ه – 27/10/2007م
[1] – (رواه مسلم في الصيام (1164)، وأبو داود (2433)، والترمذي (759) وابن ما جه (1716)).