- ما حكم الخشوع في الصلاة؟ وهل يبطل الصلاة عدم الخشوع فيها؟
– عدم الخشوع في الصلاة يحتمل عدة معان؛ إذا كان عدم الخشوع بمعنى أن يأتي المصلي أثناء صلاته بحركات كثيرة كأنه ليس في الصلاة فيحك بدنه، وينظر في ساعته ويعبئها، ويلتفت، ويعدل من عمامته أو عقاله.. وما إلى ذلك، كالذي نراه عند بعض الناس، هذا النوع الكثير من الحركات يبطل الصلاة، لأنه عبث، لا يتصور من مسلم مقبل على ربه بقلبه وفكره، ويحترم الصلاة، ويشعر ويعي بقيمتها.
أما إذا كان عدم الخشوع بمعنى أنه يتحرك أحياناً حركات قليلة، أو يسرح فكره، أو لا يستحضر قلبه في الصلاة، فهذا وإن لم يبطل الصلاة، ولكنه يذهب روح الصلاة، فروح الصلاة في الحقيقة هو الخشوع، وقد قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون)، والخشوع خشوعان: خشوع قلب، وخشوع جوارح.
فخشوع القلب أن يستحضر رقابة الله عز وجل ويستحضر عظمته، ويتدبر معاني القرآن، ويتدبر ما يتلوه من آيات أو ما يسمعه، وما يذكره من أذكار، وقد سئل أحد السلف -وهو حاتم الأصم- كيف يؤدي صلاته فقال: “أكبر تكبيراً بتحقيق، وأقرأ قراءة بترتيل، وأركع تكبيراً بتخشع، وأسجد سجوداً بتذلل، وأعتبر الجنة عن يميني، والنار عن شمالي، والصراط تحت قدمي، والكعبة بين حاجبي، وملك الموت على رأسي، وذنوبي محيطة بي، وعين الله ناظرة إليَّ، وأعتدها آخر صلاة في عمري، وأتبعها الإخلاص ما استطعت، ثم أسلم، ولا أدري أيقبلها الله مني أم يقول: اضربوا بها وجه من صلاها”.
أما أن يقف وتجتمع كل هموم الدنيا عليه، حينما يصلي، ويشغل نفسه بكل شيء إلا بالصلاة، فهذا لا ينبغي للمسلم.. على كل حال، فهناك أمور عارضة تجبر الإنسان وتقهره، وهو مطالب أن يبعد هذه الأمور عن رأسه وعن فكره، وأن يقف في المكان الذي يهيئ له الخشوع، وأن يتدبر المعاني، وأن يركز فكره ما أمكن، ويغفر الله ما سوى ذلك إن شاء، هذا هو خشوع القلب.
وهناك خشوع الجوارح، وهو مكمل لخشوع القلب، ومظهر له، كما جاء في الأثر: “لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه” (رواه الحكيم الترمذي في النوادر بسنده عن أبي، وفيه راو مجمع على ضعفه هريرة مرفوعاً والمعروف أنه من قول سعيد بن المسيب)، فمعناها ألا يعبث عبث الأطفال، ولا يتحرك حركات كثيرة تخل بالخشوع، وتذهب بروح الصلاة، وينبغي أن يقف وقوراً بين يدي الله عز وجل.
العدد (1998)، ص57 – 23 جمادى الأولى 1433ه – 14/4/2012م