- ذهبت لأخطب إحدى الفتيات فواجهت مشكلة غلاء المهر، والآن أنا أفكر في الزواج، ولكن لا أستطيع بسبب غلاء المهور، فهل المغالاة في المهور مطلب شرعي؟
– هذه مشكلة، وعقدة، عقدها الناس على أنفسهم، وشددوا فيما يسره الله تعالى عليهم، لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الزوجات: “أيسرهن مهراً أكثرهن بركة”، والنبي صلى الله عليه وسلم حينما زوج بناته زوجهن بأيسر المهور، لم يشترط لهن المئات ولا الآلاف، وإنما أخذ أيسر المهور، وكذلك السلف الصالحون، لم يكونوا يبحثون عن مال الرجل، وماذا يدفع؟ لأن البنت ليست سلعة تباع، إنما هي إنسان، فليبحث لها الأب أو الولي عن إنسان كريم؛ كريم الدين، كريم الخلق، كريم الطباع، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه، إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” (رواه الترمذي وابن ماجه، والحاكم وحسن الترمذي).
فالمهم، والذي يجب أن يطلبه الأب هو الدين والخلق، قبل كل شيء، فماذا يغني الفتاة أن تتزوج، ويدفع لها مهر كبير، إذا تزوجت من لا خلق له، ولا دين له؟ إنما المهم الزوج، الذي يسعد البنت، الذي يتقي الله فيها.. ولهذا قال السلف: “إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين، إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، لأن دينه يمنعه، وخلقه يردعه، حتى في حالة الكراهية، (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (النساء: 19)”.
لقد أمر الإسلام بالمسارعة بتزويج البنات، وجاء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاث لا يؤخرن: الصلاة إذا حضرت، والدَّيْن إذا حل، والأيم إذا حضر كفؤها”، إذا حضر الكفء فلا ينبغي للأب أن يعيق من أجل الحصول على هذه المهور، وكلما أكثرنا من المعوقات والعقبات؛ يسرنا بذلك سبل الحرام.
ما حيلة الشاب الذي يذهب ليتزوج فيجد هذه الطلبات المعوقة أمامه؟ ماذا يصنع؟ إنه سيُعرض عن الزواج ويبحث عن بيئة أخرى، ويترتب على ذلك كساد البنات، وفساد الرجال، هذه هي النتيجة الحتمية للمغالاة في المهور.
العدد (2037)، ص56-57 – 20 ربيع 1434ه – 26 يناير 2013م