لي ابنة تزوجت قبل عامين، وقد كانت طيلة هذه المدة تسكن هي وزوجها معي في بيت واحد، وأراد زوجها بعد ذلك أن يخرج بها من المنزل، وحلفت أنا إن خرجت معه فإنني لن أزورها ولن أدخل بيتها، والآن خرجت وهي حامل، وعندها ولد، وهي وزوجها يزورانني دائماً، فهل يصح لي أن أدخل بيتها؟
– الأخت السائلة، قد ارتكبت عدة أخطاء في هذه القضية، منها: ظنها أن من واجب ابنتها وزوجها أن يبقيا معها إلى الأبد، ومنها: تحريضها ابنتها على عدم اللحاق بزوجها، ظناً منها أن طاعتها مقدمة على طاعة زوجها، ومنها: حلفها ألا تزورها إن خرجت معه.. فمشكلتها التي تسأل عنها هي التي صنعتها بيدها لنفسها، فمن حق الزوج أن يخرج بزوجته ويستقل في بيت ولا حرج في ذلك، إذا كان قادراً، ولعل هذا أبعد عن المشكلات التي تحدث دائماً من الاحتكاك بين الرجل وحماته، مما يعكر صفو العلاقة بين الأصهار.. وعلى كل حال، إذا كانت هذه الأخت السائلة نادمة على ما حدث، وتريد أن تزور ابنتها بخاصة أنها في حاجة إليها، فالنبي عليه الصلاة والسلام قد حل هذه المشكلة من قديم بحديثه الصريح الذي يقول: “من حلف على يمين ورأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير وليكفّر عن يمينه”، فلو حلف أحد الناس لا يزور أقاربه، ولا يصل أرحامه، هل معنى هذا أنه يقاطع أرحامه ويرتكب هذه الكبيرة الموبقة بسبب أنه حلف اليمين، ويصبح اليمين مانعاً من فعل الخير؟ لا.. القرآن الكريم يقول: (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 224)؛ أي لا تجعلوه عرضة ومانعاً من البر والإصلاح بين الناس، اليمين لم يشرع لهذا، فإذا حلف الإنسان مثل هذا اليمين، فهناك مخرج جعله الشارع لهذا الأمر وهو الكفارة، “فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير”، حلفت الأخت أنها لا تزور ابنتها، فالواجب عليها في هذه الحالة أن تزور البنت وتكفّر عن اليمين.
تستطيع التكفير قبل الزيارة، وتستطيع التكفير بعد الزيارة، على أي حال، فهذا جائز، تزورها وتكفّر عن يمينها؛ أي تطعم عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أهلها ونفسها، فهذا هو المخرج، ولا تقطع رحمها، وتقطع ابنتها، وخاصة أنها في أشد الحاجة إليها كما تقول.
العدد (2040)، ص55 – 6 ربيع الآخر 1434ه – 16/2/2013م