حذرت أوساط فلسطينية من مشروع قانون صهيوني قيد الإعداد لتقسيم المسجد الأقصى مكانياً بين المسلمين واليهود، واعتبرت المشروع بمثابة عدوان صارخ وينذر بحرب دينية، داعية إلى تكثيف الرباط في ساحات المسجد للتصدي لمخططات الاحتلال التهويدية.
حرب دينية
واعتبرت وزارة شؤون القدس في السلطة الفلسطينية مخطط تقسيم المسجد الأقصى خطيراً للغاية، ووصفة لحرب دينية.
وقالت، في بيان صدر عنها، مساء أمس الأربعاء: إن المخطط، الداعي لسيطرة اليهود على منطقة قبة الصخرة بمقابل بقاء المصلى القبلي لصلاة المسلمين، يضع المسجد الأقصى في دائرة الخطر الشديد.
وأضافت: هذا المخطط الذي طرحه أحد عناصر حزب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هو بمثابة عدوان صارخ على مشاعر وعقيدة المسلمين حول العالم، وهو تعبير عن صلف وتطرف حكومة الاحتلال.
وتابعت أن ما نشرته وسائل الإعلام «الإسرائيلية» عن خطته، فضلاً عن كونه مرفوضاً ومستهجناً، فإن تطبيقه، لا سمح الله، سيؤدي إلى حرب دينية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
وأشارت إلى أن الدعوة إلى إنهاء الوصاية الأردنية الهاشمية على المسجد الأقصى والادعاء، بصلافة ووقاحة، أن المسجد الأقصى ليس للمسلمين، والدعوة للسماح لليهود باقتحام المسجد الأقصى من كل أبوابه هو لعب بالنار.
وأكدت وزارة شؤون القدس أن المخطط هو الأكثر خطورة الذي يستهدف المسجد الأقصى منذ الاحتلال عام 1967، وهو مؤشر خطير على تصاعد استهداف المسجد بدءًا بالاقتحامات منذ عام 2003، ومروراً بدعوات التقسيم الزماني والصلوات والطقوس التلمودية، ووصولاً إلى الدعوة الخطيرة بتقسيم المسجد نفسه.
وقالت: هم ينتقلون فعلياً من انتهاك الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى إلى نسف هذا الوضع، وصولاً إلى التقسيم الفعلي للمسجد الأقصى كخطوة نحو مخططات أكثر قبحاً وأكثر خطورة.
وتابعت: بصمت حكومة الاحتلال على هذا المخطط العدواني الذي ينادي به أحد أعضائها، فإنه لا يمكنها الزعم كذباً بأنها تحترم الوضع القائم في المسجد الأقصى.
وشددت وزارة شؤون القدس على أن المسجد الأقصى بمساحته الكاملة وهي 144 دونماً هو للمسلمين وحدهم لا يشاركهم فيه أحد، ولا يقبل القسمة ولا التقسيم.
وأكدت أن شعبنا العظيم الذي أحبط مؤامرة البوابات الإلكترونية والتقسيم الزماني والمكاني لن يسمح بمثل هذا المخطط الإرهابي، داعية العالم الإسلامي والعربي إلى عدم الوقوف صامتاً إزاء هذه المخططات الخطيرة، وعدم ترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة هذا الجنون «الإسرائيلي».
كما أكدت أن على المجتمع الدولي الانتقال من مربع الإدانات والاستنكارات إلى التحرك الفاعل لوقف هذا العدوان «الإسرائيلي» قبل فوات الأوان.
من جانبه، حذر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، من تخطيط سلطات الاحتلال العنصرية ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، قلب الأمة النابض، لتقسيمه مكانياً، والسماح للمتطرفين المستوطنين بالصلاة فيه، وإلغاء الوضع التاريخي والقانوني القائم فيه، مؤكداً أن ذلك سوف يشعل حرباً دينية تطال العالم بأكمله، ولن يسلم من حريقها أحد، محملاً سلطات الاحتلال عواقب لعبها بالنار.
وبين، في بيان، اليوم الخميس، أن المحاولات اليائسة لتغيير الوضع التاريخي القائم، التي تسارعت مؤخراً بشكل كبير، من خلال تزوير الحقائق، وتزييف التاريخ، مؤكداً أن تاريخ المسجد الأقصى المبارك يعرفه القاصي والداني، وتعرفه الهيئات الدولية والرسمية، وهو للمسلمين وحدهم دون سواهم، ويأبى القسمة والمشاركة.
وناشد المفتي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، والتدخل العاجل للجم جماح سلطات الاحتلال، ومنعها من تنفيذ ما تخطط له ضد المسجد الأقصى المبارك، واتخاذ القرارات العملية لدرء الأخطار المحدقة بالمقدسات الفلسطينية.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني مصرٌّ على الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، مهما بلغت التضحيات، وأن الاحتلال إلى زوال عاجلاً أم آجلاً.
تكثيف الرباط
من جهته، دعا عضو قيادة حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في الخارج د. سامي أبو زهري إلى تكثيف شدّ الرحال للمسجد الأقصى، والرباط في ساحاته للتصدي لمخططات الاحتلال التهويدية، وإحباط اقتحامات المستوطنين له، وأدائهم الطقوس التلمودية والسجود الملحمي بشكل علني عند أبوابه.
وشدد أبو زهري، في بيان الثلاثاء الماضي، على خطورة إصدار الاحتلال قرارات الإبعاد عن «الأقصى» والبلدة القديمة، خصوصاً ضد المرابطين والمرابطات، مبيناً أن هذه السياسة الصهيونية المتعمدة ضد المقدسيين تسعى إلى تفريغ المدينة من أهلها وتحقيق الأغلبية اليهودية، ضمن مخطط فرض السيادة الصهيونية على مدينة القدس.
وأشار إلى تزامن تكثيف قرارات الإبعاد مع تصاعد سياسة الهدم التي تنفذها قوات الاحتلال في المدينة المقدسة، وأحدثها إجبار أصحاب العديد من المنازل في حي وادي قدوم ببلدة سلوان على إخلائها لهدمها.
ودعا أبو زهري إلى الوقوف بجانب المقدسيين، من خلال الإسناد المالي والدعم القانوني، لترسيخ بقائهم في المدينة المقدسة، وعدم تمكين الاحتلال من فرض الأمر الواقع القائم وإحباط مخططاته.
مشروع القانون
ويعد عضو «الكنيست» عميت هاليفي عن حزب «الليكود» الحاكم الذي يقوده رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مسودة تفصيلية لتقسيم المسجد الأقصى مكانياً بين المسلمين واليهود، بحيث يخصص محيط الجامع القبلي جنوباً للمسلمين، في حين تخصص قبة الصخرة وحتى الحد الشمالي للمسجد لليهود تماماً، وفق ما ذكر موقع «زمان إسرائيل» العبري.
وتقوم مسودة هاليفي على إعادة تعريف المسجد الأقصى إسلامياً بوصفه مبنى الجامع القبلي حصراً، وأن كل ما سواه غير مقدس إسلامياً، معتبراً تقديس المسلمين لكل ما دار عليه سور المسجد «مؤامرة لحرمان اليهود من مقدسهم»، باعتبار أن «المقدس إسلامياً فقط هو ذلك المسجد المبني في الجنوب، وبقية المكان ليس مقدساً عند المسلمين»، حسب ادعاء المسودة المقترحة.
وينص مشروع القانون على التالي:
1- التخلص من الدور الأردني في المسجد الأقصى تماماً، وإنهاء دور الأوقاف الإسلامية، ووضع خطة تدريجية لتحقيق ذلك.
2- إتاحة المجال لليهود لدخول «جبل الهيكل» من كل الأبواب كما يدخل المسلمون، وعدم قصر حركة اليهود على باب المغاربة.
3- تحويل الحضور اليهودي في المسجد الأقصى إلى حضور ديني، في إشارة ضمنية لإقامة الطقوس التوراتية في المسجد.
4- تخصيص المساحة التي تبدأ من صحن الصخرة وحتى أقصى شمال المسجد لليهود، وهي تشكل 70% تقريباً من مساحة «الأقصى».