مع كل صيف، تدق طبول جدل وغضب ببلد الأزهر الشريف في مواجهة إجراءات تمييزية متكررة لمنع المحجبات من دخول بعض الشواطئ والمطاعم، وحمامات السباحة ببعض النوادي.
ويحظر الدستور المصري والقانون واللوائح الحكومية المنظمة التمييز، وأعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، أكثر مرة، في بيانات رسمية، أنه لا يحق لأي منشأة فندقية أو سياحية منع المحجبات من الدخول والاستمتاع بخدماتها.
مجتمع الفقاعات
من جانبها، ترى مدرسة الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر د. عزة رمضان، في حديث لـ«المجتمع»، أن المجتمع المصري شهد في العقد الأخير تغيرات كبيرة، تأثراً باتجاهات العولمة والأحداث العالمية، كان لها انعكاساتها على كل مناحي الحياة وعلى كل شرائح المجتمع، حتى أصبح لدى مصر ما يعرف بمجتمع الفقاعات، فلكل فئة فقاعتها الخاصة، لا تريد عنها بديلاً، وأمسى لدينا مؤخراً شواطئ مخصوصة لشرائح وفئات معينة يتم تصنيفها ليس على حسب الملبس فقط، وإنما كذلك وفقاً للمستوى المادي والسلم المجتمعي.
وتوضح الأكاديمية الأزهرية البارزة أن الدستور والقانون صريحان في حماية حقوق المحجبات وغير المحجبات، تأسيساً على حق المواطنة، وشيوخ الأزهر وكل المؤسسات الدينية يستنكرون أي تمييز، لكن الأمر يتأزم عندما يمتد إلى التمييز والتفرقة حتى في نوعية الشواطئ التي يرتادها الجمهور.
د. رمضان: مجتمع «الفقاعات» ينتشر حتى في الشواطئ
وتشير د. رمضان إلى أن موضوع «البوركيني» بات من قضايا الصيف التي تبدأ بجدل مجتمعي بالأساس، ثم تنتقل إلى نقاش ديني، كونه يتعلق باللباس والمظهر والخروج إلى الشواطئ والمتنزهات، مؤكدة أن منعه يندرج في مصر تحت بند التمييز المجتمعي.
مخالف للقانون والدستور
من جانبه، أوضح المحامي بالنقض والمستشار القانوني محمد محمود، في حديث لـ«المجتمع»، أنه يحق قانوناً للمحجبة والمنتقبة ارتداء ما يناسبها وفق المعتقد الديني، في كل الأراضي المصرية، ومنها الشواطئ والنوادي والمطاعم، ولا يجوز منعها البتة طبقاً للقانون والدستور المصري، ما لم يكن هناك إجراء أمني تأميني، ومن المعتاد أن تتواجد في بعض الأماكن سيدات يقمن بالكشف عن وجه المنتقبة على سبيل المثال، لدواعي الأمن فقط لا غير.
وأضاف محمود أن أي إجراء ضد حق المحجبة في ارتداء حجابها أو لباس البحر المحتشم الذي يسمى «البوركيني»، أو أمثاله، فذلك جريمة يقع مرتكبها تحت طائلة قانون العقوبات ومنها المادة (161 مكرر)، التي تعاقب المتهم بالحبس والغرامة في حال ثبوت الجريمة، موضحاً أن جميع الدساتير المصرية بدءاً بدستور عام 1952م، وانتهاء بدستور عام 2014م الساري نصت على تجريم التمييز.
وقائع متكررة
وفي منتصف مايو الماضي، كشفت المصرية سارة الديب عن منعها من نزول حمام السباحة بنادي اجتماعي شهير في ضاحية مصر الجديدة، بلباس البحر «البوركيني»، وتعرضت في التوقيت نفسه طالبة جامعية مصرية تدعى عهود محمد و15 من صديقاتها للطرد من مطعم شهير في القاهرة؛ بسبب حجاب إحدى صديقاتها؛ ما أثار جدلاً كبيراً ومطالبات على مواقع التواصل الاجتماعي بمحاسبة المطعم والنادي، بعد اتهامهما بالتمييز ومناهضة الدستور المصري.
محمود: التمييز جريمة يعاقب عليها القانون
وتساءلت الطالبة عهود، في بث مباشر على حسابها بموقع «فيسبوك»: كيف يوجد مكان في بلد مسلم يمنع المحجبات، ويفكر بهذه الطريقة القديمة؟! مؤكدة رفضها لما حدث من تعسف.
وفي المقابل، تمتلئ منطقة وسط البلد بالقاهرة ومواقع التواصل الاجتماعي في هذه الأيام بإعلانات لإحدى الشركات الخاصة للدعوة إلى موسم سياحي تحت عنوان «موسم البكيني في الساحل الشمالي»!
وتتكرر وقائع التمييز، بين حين وآخر، من أبرزها ما حدث في عام 2021م، حيث تعرضت دينا هشام، ابنة استشارية العلاقات الأسرية الشهيرة بمصر د. هبة قطب، لمنع من نزول حمام السباحة بـ«البوركيني»، في أحد النوادي، فيما وصل المنع، في عام 2022م، إلى قيام إحدى شركات التطوير العقاري بمنع بيع وحداتها لأي من الأسر التي تضم محجبات! وهو ما تم مناقشته تحت قبة مجلس الشيوخ (الغرفة البرلمانية الثانية) في حينه.
وفي عام 2020م، انطلقت ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعد منع زوجة المواطن المصري مصطفى حسن من نزول أحد شواطئ الساحل الشمالي بـ«البوركيني»، بالتزامن مع واقعة مماثلة في نفس العام، في قرية لافيستا الساحل الشمالي، بعدما أعلنت القرية منع النزول بـ«المايوه الشرعي» ضمن تعليمات استخدام حمامات السباحة!