تساءل الكاتب الصحافي والإعلامي د. علي السند في حسابه عبر تويتر عما إذا كان الاختلاف الديني مانع من التوافق السياسي وجاء في المقال الذي نشره السند على تويتر:
هل الاختلاف الديني مانعٌ من التوافق السياسي؟
وهل التوافق السياسي مع المختلف دينيا يعني الإقرار بصوابية المخالف في القضايا المختلف فيها؟
هذه المسألة كانت محسومة منذ اليوم الأول لإعلان الإسلام، فقد توافق النبي صلى الله عليه وسلم في مواقف عديدة مع غير المسلمين، وتعاون معهم، واستعان بهم، في المقابل لم يتوافق مع بعض المسلمين في مواقف أخرى.. وهذه من البديهيات عند أدنى دارس للسيرة النبوية.. والشواهد كثيرة:
عندما قال أبوطالب -ولم يكن على الإسلام- للنبي صلى الله عليه وسلم: والله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب.
وعندما عاد النبي إلى مكة -بعد رفض أهل الطائف الإسلام- فبعث إلى عدد من سادة قريش من المشركين يطلب الدخول في جوارهم وحمايتهم، فبعث للأخنس بن شريق فلم يقبل، فأرسل لسهيل بن عمرو فاعتذر، ثم بعث للمُطعِم بن عدي فوافق، فدخل النبي إلى مكة يحيط به المُطعِم وبنوه، وقد لبسوا سلاحهم لحمايته..
وعندما أحضر النبيُّ عمه العباس بن عبدالمطلب -ولم يكن قد أسلم- ليشهد بيعة العقبة الثانية، ويتحدث أمام أهل المدينة مناصرا وداعما للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ العباس العهود المواثيق من منهم على نصرة النبي..
وعندما استعان النبي بعبدالله بن أريقط -ولم يكن مسلما- في واحدة من أهم وأخطر أحداث الإسلام وهي الهجرة!
وعندما اتفق النبي سياسيا مع اليهود من أهل المدينة(المسالمين) ووقع معهم صحيفة هي الدستور الأول في التاريخ الإسلامي، وقد جاء فيها: “وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم”
فتوافق معهم في المدينة رغم الاختلاف والتناقض الديني معهم!
وفي نفس الوقت لم يتوافق سياسيا مع المؤمن “أبو بصير” وأصحابه ورفض دخولهم المدنية.. التزاما باتفاقه مع قريش في صلح الحديبية
وعندما أعاد النبي أباجندل المؤمن إلى المشركين في مكة، التزاما باتفاقه معهم!
وعندما صرّح النبي بأنه لو رجع حلف الفضول ودعته قريش إليه، وهو في الإسلام لأجاب الدعوة!
يقول عليه السلام: «لقد شهدت في دار عبد اللّه بن جدعان حلف الفضول، أَمَا لو دُعيت إليه اليوم لأجبت، وما أحبّ أنّ لي به حُمْر النَّعَم، وأني نقضته»
فهذه أمثلة بسيطة، وغيرها كثير، تثبت جواز التوافق السياسي مع غير المسلم!
فإذا كان ذلك جائز مع غير المسلم، فهو مع المسلم المخالف أولى!
فكيف يأتي بعد ذلك جاهل متعالم يعيب على مسلمين توافقَهم السياسي في قضايا محددة في بلد واحد وفيها مصلحة عامة، رغم مابينهم من اختلاف ديني يقره جميعهم؟!
المضحك المبكي والمفارقة العجيبة أن بعض من يعيب على المسلمين المختلفين توافقهم السياسي، لا يرى بأسا في التطبيع مع الكيان المغـتصب المحتل في فلـسـطين وإقامة علاقات ودية معهم، ويصمتون عن ذلك صمت القبور.. وربما برروا ذلك بتبريرات باردة، بحجة المصلحة التي يراها ولاة الأمر، ولكن تثور ثائرتهم، وتنتفخ أوداجهم، إذا توافق المسلمون فيما بينهم في البلد الواحد لمصلحة عامة!
نعوذ بالله من الهوى إذا استحكم!