يلتمس المسلمون هذه الأيام المباركات من كل عام للاستزادة من الأعمال الصالحة والتقرب إلى الله بما كتبه الله عليهم من أعمال خير وبر وفضل وذكر، وتعتبر الأضحية من أبرز هذه القربات لما في هذه الشعيرة من مكانة خاصة عند المسلمين لارتباطها بقصة الذبح والفداء بين سيدنا إبراهيم، وإسماعيل، ولما تدخله من بهجة وسرور على المسلمين، فضلاً عن سد حاجة الفقراء والأصدقاء من الطعام واللحم لأيام.
إلا أن أسعار الأضحيات هذا العام فاجأت المسلمين الذين أرادوا إحياء هذه الشعيرة، فقد ارتفعت تكاليف شراء الأضحية بصورة مبالغ فيها، مسببة إرهاقاً وعنتاً للكثيرين في العالم الإسلامي.
ففي مصر، ارتفعت أسعار الأضاحي من الأبقار والجاموس بنسبة 100%، في ظل تراجع المعروض من الماشية، فضلاً عن ارتفاع أسعار العلف التي كان لها الدور الأكبر في هذه الزيادة الكبيرة.
وقد صرح هيثم عبدالباسط، نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية: إن أسعار المواشي ارتفعت بنحو 100% خلال موسم عيد الأضحى الجاري مقارنة بالعام الماضي.
وأوضح أن سعر كيلو القائم من العجول البقري يتراوح بين 155 و160 جنيهاً، والعجول الجاموسي 130 جنيهاً للكيلو القائم، بينما سجل سعر كيلو القائم من الضأن البلدي نحو 170 جنيهاً هذا العام، أما الضأن البرقي 180 و200 جنيه للكيلو.
وفي السودان، ارتفعت أسعار الأضاحي هذا العام نظراً لما تشهده البلاد من حرب؛ حيث تراوحت الأسعار ما بين 12 – 30 ألفاً، بسبب رسوم ترحيلها من الولايات إلى الخرطوم وفقاً لتجار الماشية.
وفي الأردن، أرجع وزير الزراعة د. خالد موسى ارتفاع الأسعار لتحكمات أزمة كورونا التي ما زالت تلقي بظلالها على قطاعات كبيرة من الإنتاج الزراعي والحيواني، وستتراوح الأسعار لهذا العام ما بين 180 – 220 ديناراً أردنياً لجميع الأضاحي البلدية.
وفي المغرب، توقع مربو الماشية ارتفاع الأسعار الخاصة بالأضاحي رغم استيراد وزارة الفلاحة عدداً من رؤوس الماشية من إسبانيا بهدف ضبط احتواء السوق، فإنه لم تكن كافية لسد حاجة كل المواطنين، ومن المتوقع أن تتراوح الأسعار في العديد من أسواق المغرب بين 2200 و2400 درهم للخروف الصغير الواحد.
وفي لبنان، يشير صبحي عسكر، صاحب إحدى المزارع، إلى أن سوق الأضاحي تأثرت بشدة بالأزمة الاقتصادية، حيث لم يقتصر التراجع على الطلب، بل على العرض أيضًا، حيث لا يعتزم التجار إطعام عدد كبير من الحيوانات؛ استعدادًا لعيد الأضحى.
ويحدد في الوقت نفسه أنه إذا قورن سعر الخروف الذي يزن حوالي 45 كيلوجرامًا بالدولار الأمريكي (وفقًا لسعر الصرف 1500 ليرة)، فإنه سيكون أغلى مما هو عليه اليوم، وذلك وفقًا لسعر الصرف القديم تم بيعه بحوالي 300 دولار أمريكي، لكنه اليوم يبلغ حوالي 200 دولار أمريكي، لكن المشكلة أن معظم رواتب اللبنانيين بالليرة اللبنانية وليس بالدولار الأمريكي، مما يمنع العائلات من التمكن لشراء الأضحية.
وفي تونس، أفاد عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يحيى مسعود، الجمعة 26 مايو 2023، بأنه تم تسجيل ارتفاع كبير في أسعار بيع الأضاحي هذه السنة بالمقارنة بأسعار السنة الماضية، مقابل نقصٍ في الإنتاج، وقد ارتفعت بزيادة حوالي 300 و400 دينار، إذ إن أسعار الأضاحي كانت تتراوح العام الفارط بين 500 و900 دينار، في حين أنها تتراوح هذه السنة بين 700 و1100 دينار، حسب قوله.
تسعى بعض الجمعيات الخيرية إلى تبني مبادرات ومسارات من شأنها التخفيف على المسلمين مع تحقيقهم أداء الشعيرة، وذلك عبر خبرات هذه المؤسسات الطويلة في العمل الخيري والإغاثي الذي وفر لها قدرة لوجستية وخبرة طويلة في معرفة طرق الشراء والانتقاء والذبح والتوزيع، فضلاً عن إمكانية الذبح بالإنابة الذي يوفر على مؤدي الشعيرة مبالغ لا بأس بها في بلدان مسلمة ربما تكون أكثر احتياجاً.
وتعتبر «نماء الخيرية» في الكويت نموذجاً على الأداء المثالي وفق هذا الطرح، فقد أطلقت هذا العام حملة «أضحيتك.. شعيرتك سعادتهم»، بتكلفة تبدأ من 10 دنانير كويتية، حيث أعلنت نماء أنها تستطيع توفير الأضحية داخل الكويت وخارجها في معظم البلدان الإسلامية وغير الإسلامية (السودان، الصومال، تشاد، النيجر، تنزانيا، موريتانيا، سريلانكا، كمبوديا، السنغال، ساحل العاج، كينيا، غانا، اليمن، إندونيسيا، بنجلاديش، مالي، الهند، تركيا، سورية، الأردن، العراق، لبنان، فلسطين، تونس).