دعا العلاَّمة د. يوسف القرضاوي الأمة الإسلامية إلى رص الصفوف، وفتح أبواب الحرية وتغيير فلسفتها التعليمية، إذا شاءت أن تكون قوة يُحسب لها حساب كما كانت في الماضي.
وقال، في حديثه مع الجالية العربية في العاصمة الهندية نيودلهي ليلة سفره: “لن نستطيع أن نلحق بالغرب في عصر الثورات العلمية إلا بجملة من الأمور؛ فلا بد أن نغير فلسفتنا التعليمية، نحن لسنا بحاجة إلى تعليم يخرج موظفاً فقط، بل نحن بحاجة إلى نظام تعليمي يخرج عباقرة وأصحاب مواهب حتى يخدموا أمتهم ويرفعوا من شأنها.
وثاني هذه الأمور: أن نفتح أبواب الحرية ونسمح بحرية التعبير، فالكبت لا يخرج عقولاً تبتكر، والضغط على الشعوب لا يُنشئ أحراراً بل عبيداً، ودونكم قصة “عنترة” الذي اعتبره والده عبداً كسائر العبيد، يغزو جماعة من الناس أرضهم، وهنا يطلب والده منه قتالهم، فيقول عنترة لوالده: العبد لا يحسن الكرّ بل يحسن الحلب والصر! فقال له والده: كر وأنت حر، وسرعان ما امتطى عنترة جواده وقاتل الأعداء حتى هُزموا، إن الذي صنع عنترة الشجاع هي الحرية.
وأكد العلاَّمة د. القرضاوي أهمية عنصري الوحدة والإيمان في اللحاق بركب الحضارة، فقال: “لا يمكن لنا أن ندخل عصر الفضاء والثورة المعلوماتية فُرادى، وإنما بالتجمع؛ العرب مع الأتراك والماليزيين مع الباكستانيين وهكذا.
فنحن نعيش في عصر التكتلات، فلا بد من الوحدة والتعاون حتى نكون قوة يحسب لها حساب، ورابع هذه الأمور التي أذكر بها أن البعض يظن أن الأمور المادية وحدها كفيلة بأن تصنع الأمة! وهذا ليس بصحيح، بل نحتاج إلى بواعث هائلة لتجمع طاقات الأمة وتفجر المكنون في الصدور، ولا يفجر طاقات الأمة سوى الإيمان، والتاريخ خير شاهد على ذلك، ولهذا كي نبعث الحياة في هذه الأمة لا بد أن نشعرها أنها تمتلك رسالة تميزها عن سائر الأمم، فتعمل بهمة غير عادية، والمؤمن إذا كان لديه صبر وإرادة يمكن أن يعمل بعشرة أضعاف الآخرين، وهذا ما أشار إليه القرآن، في المجال العسكري والقتالي: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) (الأنفال: 65).
وهذا ينطبق أيضاً على المجال التعليمي والعمراني والحضاري بلا شك”.
واختتم د. القرضاوي محاضرته التي نظمها اتحاد الطلبة المسلمين (في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي) بضرب أمثلة على واقع الصحوة الإسلامية، ودعا إلى التمسك بالإسلام العظيم كسبيل للنهوض.
جدير بالذكر أن هذه المحاضرة شارك فيها السفير القطري، والسفير السوداني، وعدد من رجال السلك الدبلوماسي من شتى الدول العربية والإسلامية العاملين في الهند، بالإضافة لعدد كبير من الطلبة العرب والمسلمين الدارسين في الهند.
________________________________________________________________
العدد (1225)، ص20 – 12 رمضان 1417هـ – 21/1/1997م.