في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية وعالمية، وعبر أشكال مختلفة، تطفح من حين لآخر كتابات ضد الإسلام، تتطاول على الذات الإلهية وتتوقح في حق النبي صلى الله عليه وسلم، وتتسلح بالبذاءات في الإساءة لمقدسات الأمة.
وعندما تغضب الجماهير المسلمة لدينها ونبيها ومقدساتها تفاجأ بالعنف والقهر في مواجهتها، وظهور من يسمون مثقفين ممن يحاولون تخفيف هول الجريمة، والدفاع عن المجرم، بل واتهام الجماهير بالإرهاب، والسفه والضيق بالحرية.. كأن الحرية فقط هي سب الله -تقدست أسماؤه ورسوله- ولأنهم يسيطرون على غالبية المنابر الإعلامية، فإن صوتهم يكون الأعلى في كثير من المواجهات.
“المجتمع” التقت ثلة من علماء الدين ليوضحوا رأيهم في هذه الكتابات وكيف يمكن التصدي لها ولأصحابها؟
جزء من حملة مخططة يجب أن نقف لها بالمرصاد
في البداية، يقول الداعية الإسلامي د. يوسف القرضاوي: “إن هذه الكتابات جزء من حملة مخططة يراد بها تحطيم القيم الإسلامية التي تربط المسلمين بهذا الدين، وتربط بعضهم ببعض، فإذا هدمت هذه الأسس لم يبق بناء”.
ويضيف أن هؤلاء يتسللون تسلل الداء إلى الأجسام في خفية وبراعة، ويدخلون المداخل المختلفة، كل يدخل من ناحية، هذا من ناحية الشعر.. وهذا من ناحية القصة.. وهذا من ناحية التمثيلية، وهذا من ناحية الفيلم.. وهذا من ناحية الدراسة سواء القرآنية، أو النقدية أو الأدبية أو غير ذلك.. وكلهم يهدف إلى هدف واحد وهو ألا يبقى للمسلمين أشياء أساسية مقدسة يستندون إليها، بل يصوبون سهامهم إلى قيم عظمى عند المسلمين كالذات الإلهية، ومقام النبوة، ومنزلة الآخرة، والقرآن الكريم، وقطعيات الشريعة، والصحابة الكرام، حملة هذا الدين، وناشريه في الآفاق، وناقلي القرآن، ورواة السُّنة، وفاتحي الفتوح، ومبلغي رسالة الإسلام إلى العالم، كل أولئك يراد تشويههم، بل تحطيمهم حتى يبقى المسلمون ولا جذور لهم، ولا حصون يلوذون بها، ولا أركان يستندون إليها.
وعن الحدود التي تمثل المحارم بالنسبة للمسلمين يقول د. القرضاوي: هناك منطقتان؛ منطقة ثوابت لا يدخلها اجتهاد، ولا يلحق بها تطوير أو تجديد، وهذه المنطقة تمثل العقائد الأساسية والقيم الأخلاقية، والشعائر التعبدية، والأحكام القطعية في المعاملات، والحياة الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية.. إلخ، فهذه ثوابت لا اجتهاد فيها، ولا تقوُّل.
وهناك منطقة أخرى واسعة، بعضها ليس فيه نص، يتم العمل فيها عن طريق القياس، والاستصلاح، والاستحسان، ومراعاة العرف، وغير ذلك من الأدوات.. أو يكون فيها نصوص على وجه كلي مثل الشورى، ومن نستشير؟ وكيف نستشير؟ وما الأشياء التي تتم الاستشارة فيها؟ إلخ فكل هذا متروك للاجتهاد.
ثم إن النصوص نفسها -يقول د. القرضاوي- قابلة لأكثر من فهم، وتفسير، وأكثر من رأي واجتهاد، وفي هذا كله سعة من الله تبارك وتعالى، فهذه المنطقة المفتوحة لا حرج للناس فيها أن يجتهدوا، ولكن وفق الأصول والضوابط المعتبرة.
ويشدد الداعية الإسلامي على أنه يجب أن نقف لهذه الحملة المشبوهة بالمرصاد، وأن نوقف أصحابها عند حدودهم، بالعلم والحجة والبينة، لا بالمهاترات ولا بالشتائم.
ويصف د. يوسف القرضاوي غضبة الجماهير والشباب المسلم من هذه الكتابات بقوله: هذا أمر طبيعي وظاهرة صحية، فكل إنسان يغار؛ هناك من يغار على عرضه، وهناك من يغار على دينه، ومن حق الناس أن يغاروا على دينهم، خاصة إذا رأوا من يتطاول على مقدساتهم، وإذا تتالت هذه الهجمات الشرسة والمخططة والمدبرة على ثوابتهم.
____________________________________
العدد (1401)، ص26 – 19 صفر 1421ه – 23/5/2000م.