سطرت جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية ملحمة بطولية في صد العدوان الصهيوني، حيث تمكن المقاومون في هذه المساحة الصغيرة (لا تتجاوز نصف كيلومتر مربع) أن يجبروا قوات الاحتلال على الانسحاب منها بشكل كامل في ساعات منتصف الليلة الماضية بعد يومين من العدوان الصهيوني الغاشم، ارتقى خلاله 12 شهيدًا وأكثر من 120 جريحًا.
ووفق «وكالة الصحافة الفلسطينية» (صفا)، فإن الاحتلال سحب آلياته العسكرية وجنوده الذين تمركزوا في محيط مخيم جنين وأرجاء من المدينة إلى مناطق الداخل المحتل.
وأوضحت الوكالة الإخبارية أن الاحتلال أخرج أكثر من 1200 جندي شاركوا بالعملية عبر أكثر من 150 دورية عسكرية، وعبروا حاجز الجلمة وفتحة مقيبلة في الجدار الفاصل بين مناطق الضفة والمناطق المحتلة عام 1948، فيما تمركزت بعض الآليات في سهل مرج ابن عامر بالمناطق التابعة لمحافظة جنين.
وفور انسحاب قوات الاحتلال، عاد آلاف الفلسطينيين وأغلبهم من النساء والأطفال إلى منازلهم في مخيم جنين، بعدما كانوا خرجوا منها عنوة تحت تهديد قوات الاحتلال بقصفها على رؤوسهم.
وتجمع الآلاف على مدخل المخيم الرئيس أحد رموز المخيم وهم يرفعون علامة النصر مبتهجين يهتفون للمقاومة بكامل فصائلها، لصمودها وصدها قوات الاحتلال.
خسائر العدو
وقد تصدت فصائل المقاومة الفلسطينية للقوات الصهيونية التي اقتحمت مخيم جنين، منذ بدء العدوان فجر الإثنين الماضي، باستهدافها بالرصاص والعبوات الناسفة، موقعة خسائر محققة في صفوف الاحتلال.
وأعلنت مصادر صهيونية، وفقاً لما نقلته قناة «الجزيرة»، عن مقتل جندي صهيوني وإصابة آخرين خلال الاشتباكات والمواجهات داخل جنين في الساعات الأخيرة.
وفي وقت لاحق، أعلن الناطق بلسان جيش الاحتلال عن مقتل أحد جنود وحدة «الكوماندوز»، وذلك خلال اشتباك عنيف وقع في مخيم جنين في وقت سابق من يوم أمس.
وذكر الناطق العسكري أن الجندي من وحدة «إيغوز» الخاصة المنخرطة في إطار «لواء الكوماندوز» الذي أوكلت له مهمة اجتياح مخيم جنين خلال الـ48 ساعة الماضية.
وفي اليوم الأول من العدوان الصهيوني، أعلنت «كتائب القسام» استدراج جنود الاحتلال من وحدة «إيغوز» إلى كمين محكم قرب مسجد الأنصار بمخيم جنين، وتمكنت من استهدافهم بشكل مباشر ليوقعوا فيهم إصابات محققة.
وفي اليوم الثاني، قالت «كتائب القسام»، في بيان لها: بقوة الله سبحانه وتعالى وتأييده خاض مجاهدونا الأبرار في جنين البطولة برفقة إخوانهم من الفصائل المختلفة اشتباكات عنيفة وتفجير عبوات ناسفة في آليات جيش الاحتلال، على محور شارع حيفا ومنطقة الحارة الشرقية في مدينة جنين.
كما جاء الرد سريعًا ومؤلمًا للاحتلال على عدوانه، في عملية فدائية نوعية نفذها الشاب المجاهد عبدالوهاب خلايلة في «تل أبيب»، وأسفرت عن إصابة 8 مستوطنين بجراح منهم جراح خطيرة جدًا.
حاضنة المقاومة
وقالت «سرايا القدس- كتيبة جنين»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي: إن المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية سطرت خلال معركة «بأس جنين» البطولية أروع الملاحم والبطولة والفداء، وكبدت العدو خسائر فادحة على كل المستويات في جولة جديدة من صولات «كتيبة جنين» سيسجلها تاريخ شعبنا المقاوم بمداد من عزيمة وإصرار.
وأضافت، في بيان عسكري: إننا أمام هذا النصر الذي رسمته «سرايا القدس- كتيبة جنين» بدماء القادة قبل الجند نتوجه بالتحية إلى أبناء شعبنا الصامد في مخيم جنين، الذين كانوا الحضن الدافئ، والحصن المنيع للمقاومة خلال المعركة.
بدورها، قالت «كتائب القسام»، في تصريح عبر موقعها: إن مخيم جنين شهد على حكاية مقاومة شعب حطّم كل محاولات التصفية التي تعرض ويتعرض لها، فمنذ بداية العدوان، ورغم القصف الجوي المكثف؛ فإن ضربات «القسام» والمقاومة تواصلت، وتمكن المجاهدون من تنفيذ عمليات نوعية استهدفت جنود الاحتلال على أكثر من محور لمنع تقدمهم داخل المخيم.
وأشارت الكتائب إلى أن مشاهد العزّ المتجددة، أعادت للذاكرة صفحات البطولة التي خاضها مجاهدو «القسام» في مواجهة العدو خلال انتفاضة الأقصى، حيث كان مخيم جنين معقلًا وحصنًا للمقاومة، وانطلقت منه الخلايا الأولى لـ«كتائب القسام» التي نفذت سلسلة عمليات ضد الاحتلال.
وتعرضت جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية خلال اليومين الماضيين لعدوان صهيوني غاشم خلف 12 شهيداً وإصابة أكثر من 100 آخرين بينهم 20 بحالة خطيرة، ودماراً كبيراً في المنازل والمباني والطرقات، وتشريد قرابة 4 آلاف فلسطيني من أهل المخيم.