نظمت مؤسسات إعلامية من دول عربية وإسلامية، الثلاثاء 4 يوليو 2023، مؤتمراً افتراضياً دولياً بعنوان «قرآننا عزنا» لنصرة كتاب الله تعالى، والوقوف بالمرصاد ضد الحملة الخسيسة التي تستهدفه، آخرها إحراق نسخة منه في السويد أول أيام عيد الأضحى في تحدٍّ لمشاعر المسلمين بالعالم أجمع.
وأذيع المؤتمر الافتراضي في بث مشترك على قنوات مختلفة من أبرزها «وطن» المصرية، و«اليرموك» الأردنية، و«حلب اليوم» السورية، و«الأنيس» الجزائرية، و«مرابطون» الموريتانية، و«دعوة» الفضائية، و«القدس اليوم» الفلسطينية، و«طيبة» الفضائية، و«إذاعة مسك»، و«التناصح» الليبية، و«المنبر» الإثيوبية، و«حق» العراقية، و«رهبر» التركية، و«نيو أفريقيا»، ووكالة «إيلكا» التركية، بمشاركة علماء ودعاة ومفكرين وممثلي هيئات من أكثر من 25 دولة حول العالم.
وقد دعا د. علي القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، خلال كلمته، إلى توحيد الأمة الإسلامية، وأن يكون المسلمون يداً واحدة لنصرة كتاب الله تعالى، وطالب كافة الحكومات الإسلامية بأن تقوم بواجبها في التصدي للمساس بمقدسات الإسلام وحمايتها، وأن ترعى حملة للمقاطعة الاقتصادية للمنتجات السويدية.
واعتبر القره داغي أن قيام دولة السويد بالسماح بحرق القرآن الكريم مرات عديدة، وقيام أجهزتها بحماية مرتكب الجرم، عمل إرهابي واستفزازي يستفز مشاعر حوالي ملياري مسلم في العالم، ويستفز مشاعر المواطنين المسلمين في السويد.
وشدد القره داغي على أن المعتدين لا يعرفون قيمة القرآن الكريم عند المسلمين، فهو كلام الله ورسالة الرحمة للعالمين، مشيراً إلى قول عدد من المستشرقين: إن القرآن هو الوثيقة الوحيدة التي تصح نسبتها إلى الله تعالى، ولم يحدث فيها أي تغيير ولا تحريف ولا تبديل.
من جانبه، اعتبر م. مراد العضايلة، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي بالأردن، أن تكرار المساس بالقرآن الكريم في السويد جريمة نكراء بحق أقدس مقدسات المسلمين وأعزها واعتداء على الأمة، واستهداف للدين الإسلامي والأخلاق والقيم الإسلامية.
وأكد العضايلة أن تكرار هذه الجريمة في السويد توجه رسالة للمسلمين بأنها لا تبالي باستنكاراتهم ولا إداناتهم ولا ما يصدر عن الحكومات العربية والإسلامية من مواقف؛ لأنها تعلم أن هذه المواقف لن تزيد على الكلام الشفوي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
ودعا الحكومات العربية والإسلامية إلى مواقف حازمة والضغط على الأمم المتحدة لإصدار تشريع يدين الإساءة للأديان والمقدسات والرموز الإسلامية في العالم، ويجرم ما يسمى «الإسلاموفوبيا»، واتخاذ موقف جماعي بطرد سفراء السويد واستدعاء السفراء العرب، وتفعيل المقاطعة الاقتصادية للمنتجات السويدية.
وأكد أن استهداف القرآن الكريم ناتج عن أن هذا الدين هو الأسرع انتشاراً في العالم، خاصة مع ما تعانيه من أوروبا من شيخوخة كبيرة، وخشيتها من الإسلام جغرافياً وسكانياً، وقدرة الإسلام على مواجهة الحضارة المنحدرة والقيم المنحرفة والمشبوهة والشاذة.
إلى جانب ذلك، قال الشيخ سامي الساعدي، الأمين العام لمجلس البحوث بدار الإفتاء الليبية: إنه يجب على المؤمن أن يعظم كتاب الله تعالى ويتعامل على أنه رسالة إليه من خالقه وربه ومولاه، كما كان السلف الكرام، وعدم السماح بالمساس به.
وأضاف الساعدي أن من وسائل الحياة بالقرآن الكريم الإقبال عليه تعليماً وعملاً ودعوة ورد شبهات الطاعنين فيه والمحرفين لمواضعه والإيمان به والدفاع عنه.
وقال الشيخ عبدالحي يوسف، نائب رئيس هيئة علماء السودان: إنه يجب تبيين كتاب الله تعالى للناس أجمعين وشرح أنواره، ودعا علماء الإسلام إلى أن يوضحوا كيف عالج القرآن مشكلات البشرية وأيضاً عرضه في ترجمة أمينة لشتى اللغات.
وأكد الحسن بن علي الكتاني، رئيس رابطة علماء المغرب العربي، عضو الأمانة العامة لرابطة علماء المسلمين، ضرورة الانتفاض والغضب لنصرة القرآن الكريم وتعظيمه، ويدرسونه ويتقنونه؛ قراءة وتجويداً وتطبيقاً لأحكامه.
بدوره، قال د. محمد علي الصلابي، عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إن استفزاز الأمة الإسلامية واستهداف خصومها لها من أسباب تفجير طاقاتها ويقظتها الفكرية والسياسية والدعوية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية والنفسية والسلوكية.
وأضاف الصلابي أن هذه الحرب الشعواء والبربرية على قيم الإسلام العظيم وثوابته ومقدساته من أسباب انتشاره بين الناس.
من جانبه، أكد د. عثمان حسن محمود، رئيس الهيئة العليا للفتوى في جيبوتي سابقًا، ضرورة تفعيل القرآن الكريم كمنهج حياة للأمة الإسلامية وعزها للرد على العدوان الصارخ الذي قامت به السلطات السويدية بالسماح لمتطرف بحرقه، والاستمساك بالقرآن الكريم وتعلمه والعمل به وامتلاك القوة لحمايته والدفاع عنه.
وأوضح محمود أن العدوان على القرآن الكريم ليس سلوكاً فردياً، بل يأتي في إطار الإساءات المتكررة التي تقوم بها الدول الغربية عموماً التي تستهدف تارة شخص نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم برسوم ساخرة، وتارة تستهدف المصحف الشريف، وتارات أخرى تستهدف شعيرة من شعائر الإسلام أو مقدساً من مقدساته.
وأكد د. محمد موفق الغلاييني، عضو مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا الشماليّة، في كلمته، عظم وعلوّ القرآن الكريم، مشيراً إلى أن قدره العظيم ومكانه الرفيع، لا يعرفه إلا من عايشه، وسبر أغواره، وتعرّف على جواهره.
وقال الغلاييني: إن تقاعس أو «تخاذل» الحكّام عن مناصرة القرآن الكريم والدفاع عنه لا يُعفينا من مسؤوليّة الدفاع والثّأر لديننا وكلام ربّنا، مشيراً إلى ضرورة الوقوف وقفة المؤمن القوي، الذي يثأر لكرامة هذا الكتاب العظيم.
وأضاف الغلاييني أن الرد العمليّ الحضاري على حرق المصحف يكون بتبيان رسالته التي جاءت إنقاذاً للبشريّة والإنسانيّة، والتأكيد على أن كل محاولات الإساءة ستبوء لا محالة بالفشل، فقد تكفّل الله بحفظه، كما حذر الشيخ في معرض حديثه الشباب المسلم من أي مظاهرات غير منضبطة وعشوائية تخريبيّة تحرفها عن مسارها، وتسيء إلى رسالة الإسلام وتخدم أعداءه.
واعتبر أوكا ستياد أفندي، رئيس قسم الخارجية بمجلس علماء إندونيسيا، أن السماح بحرق القرآن الكريم الذي هو كتاب حوالي ملياري إنسان مسلم يعكس عدم احترام السلطات السويدية حقوق الإنسان.
وقال الشيخ قاسم محمد القاسمي، رئيس دار الإفتاء بدار العلوم زهدان بإيران: إننا نتعجب من إصدار السلطات السويدية تصريحاً لحرق القرآن الكريم على مرأى ومسمع من العالم المتحضر، ثم عدم الإدانة من زعماء السويد الذين يدعون الحضارة والعلم والتمدن!
وأضاف القاسمي أن الإساءة للقرآن الكريم انتهاك للقيم الإنسانية العليا والأخلاق الدينية، وطالب الأمم المتحدة والشعوب الحرة والمنظمات الدولية بأن يعلنوا استنكارهم وإدانتهم للجريمة النكراء، واتخاذ مواقف صريحة لنصرة كتاب الله تعالى وحفظ كرامة الأمة الإسلامية ورسالتها الخالدة.
بدوره، طالب الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني، المجتمع الدولي بمحاسبة ومحاكمة السلطات السويدية لسماحها بارتكاب جريمة إحراق القرآن الكريم، خاصة مع تكرار هذه الجريمة من قبل الاحتلال الصهيوني في فلسطين وأيضاً في الهند.
وأوضح صلاح أن جريمة حرق القرآن الكريم باتت حرباً عالمية على أمة الإسلام، خاصة وأن مئات الملايين في العالم الغربي يجهلون القرآن الكريم والإسلام ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
وطالب بأن يتجاوز رد الأنظمة على هذه الجريمة استدعاء السفراء، بأن تقوم الأنظمة العربية والإسلامية بتحكيم كتاب الله في مسيرة الشعوب، والإفراج عن علماء القرآن الكريم من سجونها، وأن تحول سفاراتها إلى مراكز للتعريف بالمصحف الشريف والإسلام وعلى نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
ودعا الشيخ صلاح إلى الرد الحازم على السلطات السويدية بعد تغاضيها وسماحها بتكرار الجريمة النكراء عبر مقاطعتها اقتصادياً على صعيد الحكومات والأنظمة، وأيضاً على صعيد الشعوب العربية.
من جانبه، قال الشيخ عبدالخالق الشريف، رئيس أكاديمية الشريف للعلوم الشرعية، في كلمته خلال الجلسة الثانية للمؤتمر: إن حرق القرآن الكريم إهانة للإنسانية ودليل على الفوضى والحقد الدفين العميق وجهل لا نظير له وحقارة لا مثيل لها.
واستنكر الشريف الرد الخجول من الاتحاد الأوروبي حيال الجريمة النكراء، مؤكداً ضرورة تحرك الاتحاد الأوروبي لوضع قانون لتجريم الإساءة للأديان والمعتقدات، ودعا الأنظمة العربية والإسلامية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدول المعتدية والمؤيدة والصامتة، كما دعا الشعوب إلى المقاطعة الاقتصادية لمنتجاتهم.
وقال د. محيي الدين غازي، أمين الجماعة الإسلامية بالهند، خلال كلمته في الجلسة الثالثة للمؤتمر: إن القرآن الكريم هو المنحة الإلهية العظيمة وبوابة الأمل الكبيرة والوحيدة في عالم اشتد فيه الظلم والظلام، وتتوه فيه البشرية في ضلال كبير، خاصة بعد أن ساد اليأس بين البشرية، واستنهض علماء الأمة ودعاتها بأن يقوموا بدورهم في تعريف البشرية بالقرآن الكريم، من خلال القدوة وتطبيق أحكامه.
من جانبهم، حث المشاركون، في البيان الختامي بالمؤتمر، أفراد الأمتين العربية والإسلامية على تبني حملات مقاطعة المنتجات السويدية، والمشاركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في نصرة كتاب الله والتعريف به، من خلال التدوين بكل الوسائل المتاحة والمشروعة.
وطالب المشاركون كافة المنظمات والمؤسسات والشعوب استنكار ما حدث من فعل خسيس اقترفته أيدي أحد المتطرفين تحت حماية الشرطة السويدية، وناشدوا الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية عدم الاكتفاء بالإدانة والاستنكار والشجب فحسب، بل اتخاذ خطوات عملية تصعيدية في سبيل رد الاعتبار لمشاعر المسلمين حول العالم، وضرورة تفعيل قوانين تجريم ازدراء الأديان، وحث الغرب على سن قوانين مماثلة في بلادهم.
كما أكدوا حرمة كافة المقدسات والمعتقدات، وأن أي اعتداء على أي منها، ليس من قبيل حرية التعبير عن الرأي، التي كفلتها القوانين الوضيعة أو الشرائع السماوية، وطالبوا الدول الإسلامية والغربية إفساح المجال للدعاة والعلماء ليبينوا هدايات القرآن الكريم ويشرحوا سماحته، وكذلك عرضه في ترجمة أمينة بشتى اللغات وتبليغ هدايته للناس أجمعين.