لقد مر ما يقرب من عامين على إغلاق مدارس الفتيات في ظل حكم «طالبان» بأفغانستان، وعلى الرغم من المطالبات المتكررة لعلماء الدين وشيوخ القبائل والمجتمع المدني والمجتمع الدولي، لم يتم فتح أبواب المدارس أمام الفتيات فحسب، بل أغلقت أبواب الجامعات في وجه المرأة الأفغانية، وقوبلت الاحتجاجات بالقمع.
ومع أن بعض مسؤولي النظام يعتبرون الحظر الراهن على تعليم المرأة الأفغانية أمراً مؤقتاً، ويتحدثون عن منهج دراسي جديد، وظروف مناسبة لتعليم المرأة، لكن في الواقع لا يمكن رؤية أي ضوء في هذا النفق المظلم حتى الآن.
وبما أن التعليم واجب ديني وحق أساسي من حقوق الإنسان، فهو كذلك يمثل إرادة الشعب، ويعتبر شرطاً مهماً لاستقلال البلاد واستقرارها واكتفائها الذاتي وازدهار مستقبلها، وبالتالي لا يمكن لأي مواطن أفغاني القبول بتقييد تعليم الفتيات أو التسامح معه؛ ومن هذا المنطلق، قرر عدد كبير من النخب وعلماء الدين والشخصيات الوطنية والاجتماعية في أفغانستان بدء حملة وطنية واسعة على مستوى البلاد لنيل الحقوق الأساسية والمشروعة للفتيات الأفغانيات.
هذه الحملة حركة شعبية سلمية وغير سياسية، ومطلبها الأساسي إعادة فتح أبواب التعليم للفتيات الأفغانيات.
ومن الضروري الإشارة إلى أن الأسباب المقدمة لتبرير الحظر المفروض على تعليم المرأة في أفغانستان ليست فقط غير مرضية للناس، بل إن المسؤولين أنفسهم لا يؤمنون بها.
وبالنظر إلى الأسباب المتضاربة التي تقدمها السلطات بهذا الخصوص، فإننا نشعر بالقلق مما يلي:
– هل يشككون في وضوح أحكام الشريعة بشأن وجوب تعليم المرأة؟
– أم لا يملكون القدرة على تقديم خطة جديدة في مجال تعليم الفتيات؟
– أم هم غير قادرين على حماية وتأمين الفتيات؟
– هل يريدون شكلاً جديداً من الإسلام للبنين وآخر مختلفاً للبنات بحجة منهج دراسي جديد؟
– هل يؤيدون ثقافة الجهل التي تتعارض بشكل واضح مع أحكام الإسلام وحقوق الإنسان؟
– هل يعقدون صفقة سياسية حول الحقوق الأساسية لأطفالهم؟
– أم أنهم هم أنفسهم لا يملكون سلطة اتخاذ القرارات وهذه القرارات مفروضة عليهم من قبل الآخرين؟
إذا كانت هذه المخاوف بشأن تعليم المرأة غير صحيحة، فإننا نطلب من السلطات تلبية المطالب المشروعة للشعب الأفغاني في أقرب وقت ممكن، والتوقف عن اللعب بمستقبل الشعب والبلد.
يجب أن يعلموا أن حق تعليم الفتيات خط الأمة الأحمر، وتجاوز هذا الخط يعني الوقوف في مواجهة الأمة، وهذه المواجهة ليست في مصلحة النظام الحاكم ولا في مصلحة الوطن.
عامان من الانتظار والصبر وقت كاف، لكن الانتظار لفترة أطول في هذه القضية الوطنية المهمة سيعرض مصالح أفغانستان للخطر.
تعليم الفتيات حق معترف به في العالم أجمع، ومن واجب الأمة الدفاع عن حقوق فتياتها ضد أي شخص.
نطلب من جميع أبناء الشعب الأفغاني التعهد منذ هذه اللحظة للمطالبة بالحق في التعليم لبناتهم مثل أبنائهم.
يجب أن يستمروا في عرض مطالباتهم المشروعة والسلمية والمدنية من النظام الحاكم والمجتمع الدولي.
ومن أجل مزيد من التنسيق والتماسك، نطلب من عامة الشعب الأفغاني الانضمام إلى الحملة الوطنية لتعليم الفتيات ودعم هذا المطلب الوطني.
إذا كان شعبنا متحداً، فإننا نعتقد أنه لا يمكن لأحد أن يسلب حقوقنا وحقوق أطفالنا ويدمر مستقبلهم.
نناشد منظمة التعاون الإسلامي، وعلماء العالم الإسلامي، بمواصلة جهودهم بإقناع حكام أفغانستان الحاليين بأسرع ما يمكن، بأن حرمان الفتيات من التعليم ليس في مصلحة الأمة الإسلامية فقط، بل يقدم أيضًا صورة خاطئة عن الإسلام للعالم.
كما نطلب من المجتمع الدولي الاستمرار في دعم تعليم الفتيات والتفكير في طرق لا تضر بالمصالح الوطنية والشعب في أفغانستان، بل تقنع الحكام الحاليين بفتح أبواب التعليم المغلقة أمام المرأة.
وهكذا، نبدأ الحملة الوطنية لتعليم الفتيات في أفغانستان، وسوف نقدم مطالبنا واهتماماتنا المحددة في البيانات والرسائل اللاحقة.
نأمل فتح أبواب التعليم للفتيات في أسرع وقت ممكن، حتى لا تعاني نساء وطننا من اليأس والمشكلات النفسية، ولن يضطر مواطنونا إلى تحمل مصاعب الهجرة واللجوء إلى بلدان أخرى من أجل تعليم بناتهم.
وما علينا إلا البلاغ المبين.
الحملة الوطنية لتعليم الفتيات في أفغانستان