محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبدالله البارودي المصري (1255 – 1322هـ/ 1839 – 1904م)، أول ناهض بالشعر العربي من كبوته في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي)، نسبته إلى إيتاي البارود بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية، ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد، كان من قادة الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا؛ الأولى في ثورة كريت عام 1868م، والثانية في الحرب الروسية عام 1877م، وتقلب في المناصب إلى أن انتهت به إلى رئاسة النظار (الوزراء).
ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان، حيث أقام 17 عاماً، أكثرها في كندا، تعلم الإنجليزية في خلالها، وترجم كتباً إلى العربية، وكفَّ بصره من جراء تعذيب الإنجليز له، ثم عفي عنه، فعاد إلى مصر التي قضى فيها 5 سنوات إلى أن توفي رحمه الله.
أما شعره فهو فاتحة للأسلوب الراقي بعد إسفاف النظم زمناً، له «ديوان شعر» من جزين، و«مختارات البارودي» من 4 أجزاء.
ومن رقيق شعره في ديوانه قوله:
صِلَةُ الْخَيَالِ عَلَى الْبِعَادِ لِقَاءُ لَوْ كانَ يَمْلِكُ عَيْنِيَ الإِغْفَاءُ
يا هاجِري مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ في الْهَوَى مَهْلاً فَهَجْرُكَ والْمَنُونُ سَواءُ
أَغْرَيْتَ لَحْظَكَ بالْفُؤادِ فَشَفَّهُ ومِنَ الْعُيُونِ عَلَى النُّفُوسِ بَلاءُ
وقوله:
لَكَ رُوحِي فَاصْنَعْ بِها مَا تَشاءُ فَهْيَ مِنِّي لِناظِرَيْكَ فِداءُ
لا تَكِلْنِي إِلَى الصُّدُودِ فَحَسْبِي لَوْعَةٌ لا تُقِلُّها الأَحْشَاءُ
أَنَا وَاللهِ مُنْذُ غِبْتَ عَلِيلٌ لَيْسَ لِي غَيْرَ أَنْ أَرَاكَ دَوَاءُ
وتعددت أغراض شعره بين السياسي والوجداني والاجتماعي وغير ذلك، فرحمه الله رحمة واسعة.