أكد فضيلة د. يوسف القرضاوي إدانته الشديدة لما يجري على أرض الجزائر من مذابح، ودعا خلال زيارته للكويت، الأسبوع الماضي، إلى عدم السكوت على مرتكبيها.
وقال فضيلته: منذ سنين وأنا أدافع عن الجزائر، وأدافع عن الاختيار الحر في الجزائر، وحمَّلت السلطة المسؤولية، وهذا لا شك فيه، فنحن ضد الذين قطعوا الطريق على اختيار الشعب الجزائري وأدخلوا البلد في هذه الدوامة.
ولكن هذا الذي يجري لا يمكن السكوت عنه بحال من الأحوال؛ قتل الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، هذا أمر لا يجيزه مسلم، ففي الحرب الإسلامية الرسمية النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تقتلوا وليداً ولا تقتلوا امرأة ولا تقتلوا شيخاً”، وجاء عن الخلفاء الراشدين هذا النهي وأكدوه: “ودعوهم وما فرغوا أنفسهم له”.
هذه هي الحرب الإسلامية، وهذه حرب عدل ورحمة، ولكن الذي يجري الآن في الجزائر هو قتل بغير حساب، وهذا ليس معقولاً أن تقوم به أي جماعة إسلامية، إلى أن جاءتني منشورات مذهلة وهي تتبنى هذا، وتعتز بما تفعل بل تتقرب إلى الله بذلك.
تقول المنشورات: “وكل هؤلاء (الضحايا) موالون للكفر جميعاً، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، سنقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم المدنيين والعسكريين وكل هؤلاء، لن ندع لهم عيناً تطرف، لم ندعهم يهنأ لهم بال أو يستريحون بنهار أو ينامون بليل حتى يكون الرعب مستولياً عليهم”، لقد قرأت شيئاً فظيعاً، ويقدمون هذا على أنه هو الإسلام، والمشكلة أن يفعل ذلك أناس مخلصون مسلمون متعبدون، وهذا ما كان يفعله الخوارج.
ولذلك أنا في الحقيقة أقول: إنه لا يمكن أن نسكت عن هذا، ولا يمكن أن نقره، وأحد الأخوة يقول: وما يدرينا أن هذا صادر منهم؟ وأنا أقول: إن الذي يعرف لغة هذه الجماعات والفصائل يوقن أن هذا الكلام صادر منهم، وقد قرأنا قبل ذلك عن أمثالهم من جماعات التكفير وغيرهم، فلا بد أن ننكر هذا الأمر ولا نقره ولا نسمح بأن يوصف الإسلام بأنه دين العنف، أي عنف أعظم من هذا؟ إذا كان هؤلاء يعملون ذلك باسم الإسلام ويباهون به!
__________________________________________________________________________
العدد (1272)، 20 جمادى الآخرة 1418هـ / 21 أكتوبر 1997م، ص 24.