كتاب «هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس» للمفكر الإسلامي ماجد عرسان الكيلاني (1932 – 24 أكتوبر 2015)، صدر منه الطبعة الثالثة 2002، في وقت تشن فيه الغارة على العالم الإسلامي من جديد، ويقام للمسلمين المسالخ البشرية التي تسفك فيها الدماء، وتهتك الحرمات، وتدنس المقدسات، وتسلب المقدرات.
الكتاب من 420 صفحة، ويتضمن 6 فصول، ويعد فاتحة سلسلة جديدة عن حركات الإصلاح في تاريخ الأمة الإسلامية، وهو يتعرض أولاً للتكوين الفكري للمجتمع الإسلامي قبل الحروب الصليبية، وآثار اضطراب الحياة الفكرية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في ذلك الوقت، ثم يتحدث عن مراحل الإصلاح فيبدأ بالمحاولات السياسية للإصلاح، ويخص منها دور الوزير في نظام الملك، ثم مشروعات التجديد والإصلاح الفكرية والتربوية، ويستعرض منها أدوار عدد غير قليل من الأئمة المصلحين كالإمام أبي حامد الغزالي، وعبدالقادر الكيلاني، وعدي بن مسافر، ورسلان الجعبري، وعثمان بن مرزوق القرشي، ويبين الآثار العامة لهذه المحاولات والمشروعات الإصلاحية، ويحلل هذه الآثار ويقومها، ويخرج في النهاية بقوانين وسنن تاريخية مع بيان تطبيقاتها المعاصرة في الأمة.
يقول المؤلف في المقدمة: إن هذا الكتاب دعوة إلى إعادة قراءة تاريخنا واستلهام نماذجه الناجحة، ودعوة إلى فقه سنن التغيير، وكيف أن ظاهرة صلاح الدين ليست ظاهرة بطولة فردية خارقة، ولكنها خاتمة ونهاية ونتيجة مقدرة لعوامل التجديد ولجهود الأمة المجتهدة، وهي ثمرة مائة عام من محاولات التجديد والإصلاح، وبذلك فهي نموذج قابل للتكرار في كل العصور.
وحول أهمية البحث، يشير المؤلف، رحمه الله، إلى أن المصادر التاريخية الأصلية التي أرّخت للأحداث التي يتناولها الكتاب، والتراث الثقافي الذي ينقل صورة المجتمع الذي عاصرها، والآثار التي تركها الذين عاصروا تلك الوقائع وشاركوا فيها، تبين بوضوح أن صلاح الدين لم يكن في بدايته سوى خامة من خامات جيل جديد، مر في عملية تغيير غيرت ما بأنفس القوم من أفكار وتصورات وقيم وتقاليد وعادات، ثم بوأتهم أماكنهم التي تتناسب مع استعدادات كل فرد وقدراته النفسية والعقلية والجسدية، فانعكست آثار هذا التغيير على أحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وسددت ممارستهم ووجهت نشاطاتهم.
ويضيف أن الذين قادوا عملية التغيير هم أناس عاشوا قسوة الأحداث، وتجرعوا مرارة التجارب والأخطاء والإغراق في الفكر والممارسات العملية، وذاقوا حلاوة الإصابة وخلصوا من ذلك كله إلى تغييرها بأنفسهم أولاً ثم إلى بلورة تصورات معينة وإستراتيجية خاصة انتهت بهم إلى وجوب تكامل الميادين والتخصصات وإلى تضافر جميع الهيئات والجماعات.
ويلفت الانتباه إلى أن الوقوف على تفاصيل هذا التغيير ومظاهره ومراحله التي جرت في المجتمع الإسلامي سواء في المرحلة التي مهدت للغزو الصليبي آنذاك، أو المرحلة التي هيأت الأمة لدفع هذا الغزو، يقدم الدرس المفيد في محنتنا التي تواجه إزاء عوامل الضعف التي تعمل في كياننا من داخل والأخطار التي تهددنا من الخارج، وهذا هو ما استهدفته هذه الدراسة التحليلية للتاريخ بغية الإسهام في تبصير المسلمين وقياداتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والتربوية للإستراتيجية الصائبة في حشد الطاقات وتؤهلهم لمواجهة التحديات.
للاطلاع على الكتاب وتحميله من هنا.