منذ انتهاء العدوان الصهيوني على مخيم جنين وانسحاب قوات الاحتلال منه، بدأت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بتنفيذ خطة أمنية للسيطرة على المخيم واستئصال المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، وفق محللين سياسيين فلسطينيين.
خطة «دايتون»
دور السلطة الفلسطينية لمواجهة المقاومة ليس جديداً، بل هو امتداد لدورها في غزة سابقاً الذي فشل وعرف باسم «خطة الجنرال كيث دايتون».
وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف: محاولات السلطة في ملاحقة المقاومين والمقاومة جزء من السياسة الموكلة لها للقيام بها.
الصواف: الحاضنة الشعبية في الضفة بلغت حالة من الوعي الكبير للحفاظ على المقاومة
وأضاف الصواف لـ«المجتمع»: السلطة تحرص على تنفيذ مهمتها بكل دقة كما يجري اليوم، ولكن هذه السياسة لن تنجح ولن تحقق ما تسعى إليه السلطة بناء على تعليمات الاحتلال.
وعزا الصواف فشل السلطة الفلسطينية بالنجاح في ذلك إلى اشتداد عود المقاومة، وبلوغها لمراحل متقدمة يصعب على السلطة كما صعب على الاحتلال أن يقضي عليها.
واعتبر أن أي محاولات لضرب المقاومة ستزيدها قوة، إضافة إلى الحاضنة الشعبية في الضفة التي بلغت حالة من الوعي الكبير فباتت حامية وحاضنة وملتفة حول المقاومة والمقاومين، وفق قوله.
وقال الصواف: ممارسات السلطة توسع الفجوة ليس بينها وبين المقاومة فقط، بل بينها وبين المواطنين، حتى أبناء «فتح» غير الراضين عن سلوك السلطة، والخشية أن يحدث ما لا تحمد عقباه المواجهة بين المقاومة وأجهزة السلطة، وهذا واحد من أهداف الاحتلال الذي لم تدركه السلطة مع الأسف.
وتابع الكاتب الفلسطيني: المطلوب مزيد من الوحدة بين المقاومين والحاضنة الشعبية على مختلف توجهاتهم، وتشكيل جسم صلب يصعب على السلطة كسره أو اختراقه يضم كل من يؤمن بالمقاومة طريقاً نحو تحقيق ما يسعى إليه الشعب الفلسطيني، سواء كان «حماس» أو «الجهاد» أو «كتائب شهداء الأقصى» وكل من يحمل سلاحاً لمقاومة الاحتلال.
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة أن خطة الجنرال الأمريكي كيث دايتون التي حاولت السلطة الفلسطينية تطبيقها عام 2005م لاجتثاث المقاومة في غزة تطبقها اليوم بإشراف الجنرال الأمريكي مارك فينزل لنفس الهدف في الضفة.
تنسيق أمني عال
وأشار أبو شمالة، في حديثه لـ«المجتمع»، إلى أن مستوى التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال عال جداً، مؤكداً أن ذلك عبّر عنه، أمس، حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية في السلطة، في مقابلة صحفية له مع «بي بي سي»، حينما قال: «أحبطنا 50 عملاً مقاوماً ضخماً ضد «الإسرائيليين»، نحن نحافظ على حياة «الإسرائيليين»، وليس لنا إلا مواصلة التنسيق والتعاون الأمني مع «إسرائيل» كخيار وحيد لنا لوجودنا وبقائنا كسلطة»!
أبو شمالة: قادة الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» وجهوا بضرورة تعزيز السلطة الفلسطينية
وأكد أن حديث الشيخ عن وجود ضائقة مالية لدى السلطة وتلميحه بإمكانية قطع مخصصات فصائل منظمة التحرير؛ تهديد واضح لكل هذه الفصائل التي لها أذرع عسكرية وتقاوم الاحتلال.
وكشف أن خطة السلطة لضرب المقاومة قائمة على احتواء المقاومة من خلال شراء السلاح وعدم الملاحقة ورفع رواتب العاملين في الأجهزة الأمنية وترقيتهم.
وأشار إلى أن هذه الخطة طرحت خلال اجتماعات شرم الشيخ والعقبة بين السلطة والاحتلال.
وتابع أبو شمالة: كل هذه المؤشرات تؤكد أن «الإسرائيليين» قد توصلوا إلى قناعة تامة تفيد بأن لا طاقة لهم ولا قدرة لهم بمفردهم على قمع المقاومة واحتوائها وتصفيتها في الضفة.
وأضاف: بعد عملية اجتياح جنين الأخيرة، اعترف الاحتلال أن الطريق الوحيد لمواجهة المقاومة هو السلطة الفلسطينية.
وأكد أن قادة الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» وجهوا المستوى السياسي في دولة الاحتلال بضرورة تعزيز السلطة الفلسطينية، وإن كان مؤقتاً في هذه المرحلة الحساسة في تاريخ القضية الفلسطينية.
وشدد على أن المقاومة لديها البدائل لتلقي الضربات من أجل أن تحمي نفسها وتغير المعادلة على الأرض، مرجحاً أن تشهد الأيام القادمة رداً ميدانياً بعمليات فدائية ضد الاحتلال يحبط خطة السلطة في استئصال المقاومة.
حداد: «التنسيق الأمني» الورقة الوحيدة في يد السلطة لتبرير وجودها
وقال أبو شمالة: المقاومة فكرة لا تموت أبداً مهما كانت خطط الأعداء، ولطالما حمل هذه الفكرة مجموعة من الرجال الذين آمنوا بحقهم بمقاومة الاحتلال.
بدورها، أوضحت الباحثة في الشأن الإقليمي تمارا حداد أن الاحتلال يريد أن يعزز دور السلطة من الناحية الأمنية والوظيفية بعد فشله في عملية جنين.
وأضافت حداد لـ«المجتمع»: لذلك، اتجه الاحتلال إلى تسليم الدور الأمني للسلطة في عملية استكمال ما بدأ به من ملاحقة المقاومة في محاولة منه لاستئصالها.
وتابعت: لذلك، ما تقوم به السلطة من ملاحقة للمقاومة سوف يكون نذير شوم على الواقع الفلسطيني، وسوف يجره إلى مربع الاقتتال الداخلي، وهو ما يريده الاحتلال.
وأكدت حداد أن الاحتلال لا يريد تقوية السلطة لتكون دولة، إنما يريد استخدامها لحماية أمنه فقط.
وزادت: التنسيق الأمني الورقة الوحيدة في يد السلطة لتبرير وجودها كسلطة، لذلك هم (قادة السلطة) يحافظون على مصالحهم الشخصية في استكمال الدور الوظيفي لهم في ملاحقة المقاومة.
وكانت وزارة الداخلية في السلطة الفلسطينية أصدرت، أمس الإثنين، بياناً أكدت فيه أنه لن يكون هناك أي تهاون أو تقصير في تطبيق القانون والأمن العام، وذلك بالتزامن مع انتشارها في مخيم جنين وتعزيز قواتها هناك بعد الوعود التي تلقتها بعد قيام الاحتلال بعمليات توغل في المخيم.