الفقه في رسالة ماجستير يرجع إلى عدة أمور، من أبرزها:
1- أهمية الموضوع أصولياً وفكرياً؛ حيث يعالج قضية التجديد في استنباط الأحكام الشرعية، مراجعاً تلك الأصول التي استقر عليها علم أصول الفقه في استنباط الأحكام.
2- قلة الدراسات والمؤلفات التي تناولت موضوع التجديد الفقهي وخاصة مجال “أصول استنباط الأحكام وقواعده”.
3- الرد العلمي على من يتهمهم الفقه بالجمود والتقليد، ويتهم الفقهاء بغلق عقولهم على القديم وتعطيل الاجتهاد في الأمة، وأيضاً على من يريدون فتح باب الاجتهاد بلا ضوابط ليلج منه كل أحد بلا ضابط أو شرط.
4- الانتشار الواسع للدكتور يوسف القرضاوي سواء على مستوى مؤلفاته، أو أحاديثه المذاعة والمرئية وفتاواه أو أعماله المتعلقة بالفقه، سواء على مستوى المجامع الفقهية أو المؤسسات التي تهتم بالفقه وأصوله؛ مما جعل دراسة منهجه في التجديد حرثاً في حقل خصب تؤمل ثماره وينتظر خيره، إن شاء الله تعالى.
وعن علة اختياره للعلاَّمة القرضاوي ومنهجه في تجديد الفقه على الرغم مما هو مستقر عليه في الرسائل العلمية من عدم الكتابة عن الأعلام المعاصرين، تبعاً للحجة المشهورة في ذلك “أن الحي لا تؤمن عليه الفتنة”، أكد الباحث أن عدة عوامل أسهمت في خرقه لهذا العرف:
أولها: محاولة تجميع آراء القرضاوي المختلفة، ومنهجه المتكامل في علم أصول الفقه في سياق واحد، في شكله التجديدي الذي ينطلق منه تجديد الفقه في واقعنا المعاصر، خاصة أن الشيخ مع غزارة علمه وكثافة مؤلفاته وتعدد موضوعاتها فإنه لم يؤلف كتاباً مفرداً في أصول الفقه أو طرق استنباط الأحكام، وتناثر الموضوع في العديد من مؤلفاته بين كتاب كامل، وبحث في كتاب، وفقرات في بحوث.
ثانيها: توافر ميزة مراجعة د. القرضاوي فيما يمكن أن يقف أمام الباحث أو ما اعترض عليه من آرائه المعترضون، مشيراً إلى مناقشاته مع الدكتور في الكثير من المسائل التي أجاب فضيلته عن كثير منها، مما أفاد الباحث في إعادة صياغة البحث.
ثالثها: فتح الباب لبيان مناهج العلماء خاصة الأحياء منهم كنوع من أنواع مدارسة المنهج في حياة صاحبه لمراجعته، وإرساء دعائمه وترسيخه، وإيجاد تلاميذ له، فلا يموت المنهج بموته، وينسى إذا لم يتناول بالبحث.
رابعها: أن الانتشار الواسع للشيخ جعله كسائر البشر، له محبون ومنتقدون، لذا أراد الباحث أن تكون الدراسة محاولة لوضع الأمور في موضعها لتحفيف الغلو في الرجل، سواء على مستوى المعارضين غير المنصفين في اعتراضهم، أم على مستوى الموافقين المغالين في حب الشيخ.
نتائج البحث
وقد أكد الباحث أنه قد توصل من خلال بحثه لمجموعة من النتائج، أهمها:
1- أن تجديد الفقه الإسلامي خصيصة أساسية من خصائصه، كما أنه ضرورة يتطلبها العصر، بمستجداته وتحدياته.
2- أن علم أصول الفقه علم غير قطعي، بل هو علم قابل للتجديد؛ لأن الفقه لن يتجدد دون تجدد طرق استنباط الأحكام الشرعية من النصوص، ود. يوسف القرضاوي رجح أن أصول الفقه علم غير قطعي ومنه ما هو ظني.
3- د. القرضاوي استكمل مقومات الاجتهاد وتوافرت فيه شروطه، حتى استطاع أن يدلي بدلوه في كافة القضايا، مستنبطاً مباشرة من الكتاب والسُّنة، من غير اعتماد على مذهب معين أو عالم محدد.
4- من أجل تيسير الاجتهاد على العلماء، ودفع الكثير منهم لاستكمال عدته، قام العلاَّمة القرضاوي بضبط مصطلح الاجتهاد وتيسير شروطه بقدر ما يسعه التيسير، وضبط حكمه، كما يرى أن الاجتهاد يتجزأ ويرفض التعصب المذهبي والتقليد لمن توافرت فيه درجة النظر.
_____________________
العدد 1782، 6 ذو الحجة 1428هـ / 15 ديسمبر 2007م، ص44-45
الكاتب: بدر محمد بدر