يتبنى العلاَّمة د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، منهجاً معروفاً به، وهو أنه لا يتعرض للقضايا المقتولة بحثاً، بل القضايا التي يحتاج إليها المجتمع.
ورداً على مقال بعنوان “فتاوى شرعية أم مواد صحفية؟” نشرته صحيفة “الشرق” القطرية، يوم الخميس 10 أبريل الجاري، أوضح الشيخ القرضاوي أن فتواه الخاصة بإجازة تناول مشروبات بها نسبة ضئيلة من الكحول تشكلت طبيعياً بسبب التخمر جاءت إجابة عن سؤال للهيئة القطرية العامة للمواصفات والمقاييس في هذا الشأن، مؤكداً أنه لا يفتي بحل تناول قطرة واحدة من مسكر.
وكانت صحيفة “العرب” القطرية قد نشرت هذه الفتوى يوم الثلاثاء 8 أبريل الجاري وتناقلتها عنها وسائل الإعلام.
وقال بيان صادر عن مكتب الشيخ القرضاوي، تلقت “المجتمع” نسخة منه: إن الفتوى جاءت لتجيب عن حاجة ملحة للهيئة جراء الاتصالات والاستفسارات التي كانت ترد عليها بسبب السماح بتلك النسبة من الكحول المتشكلة طبيعياً بسبب التخمر وليست مصنعة ومدى شرعية ذلك.
وأوضح البيان أن الشيخ وضع ضابطاً لحكم الجواز، وهو كون النسبة ضئيلة لا تؤثر خاصة إذا كانت بفعل التخمر، وهذه قاعدة شرعية عامة في النجاسات وفي غيرها، يؤيد هذا حديث: “إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث”.
أما عن النسبة التي حددتها الفتوى وهي “0.05%”، فأوضح البيان أنها جاءت بناء على تحديد الهيئة، حيث تسمح بالنسبة المذكورة كحد أقصى باعتبارها نسبة طبيعية.
وتعقيباً على ما جاء بمقال صحيفة “الشرق” من أن الفتوى تفتح الباب لمن تسول لهم أنفسهم شرب ما يحتوي على نسبة من الكحول، قال البيان: هؤلاء لا يحتاجون لفتوى مفتٍّ، ولا إلى رأي فقيه، فهم يعلمون أنهم عاصون، ولحدود الله متجاوزون.
وشدد البيان على أن فتوى الشيخ القرضاوي لم تحل تناول قطرة واحدة من مسكر لأي مسلم كان، ولو كانت خشية التحريف تمنع المفتي من بيان حكم الله ما بيَّن عالم ولا تحدَّث فقيه ولا أُرسلت الرسل ولا نزلت الكتب، فقد حرفت كتب الله السابقة، وإثمها على من حرفها.
وأضاف البيان قائلاً: إن العالم أو الفقيه أكثر الناس معرفة من غيره بما يحتاجه الناس من أمور دينهم، ودوره أن يبين لهم أحكام الإسلام، ويجيب عن تساؤلاتهم إذا سألوا، وهل يملك الشيخ القرضاوي إلا أن يسأل فيجيب ويستفتى فيفتى؟ وقد أخذ الله على العلماء ميثاقاً: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) (آل عمران: 187).
وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة”.
صحيفة “الشرق” أعربت، من جانبها، عن شكرها لما تضمنه البيان من توضيح، وقالت، في تعقيب موجَّه لمكتب د. القرضاوي، نشرته يوم الأحد الماضي: نرجو ألا يساء الفهم أننا نجادل فضيلته في فتاواه، فهذا أمر يختص به أهل العلم وفقهاء الدين، ولكن ما أردناه هو التنبيه على أنه ليس كل ما يرد للشيخ من أسئلة يجب أن يجد طريقه للعامة عبر وسائل الإعلام بالطريقة والصياغة التي كانت تصل إلينا، كما قالت الصحيفة: حدث ما كنا نخشاه؛ فقد بث موقع أخبار “B.B.C” البريطاني عن فضيلته أنه أجاز للمسلمين شرب ما مقداره ثمن محتوى الكحول في علبة أو زجاجة البيرة الخفيفة (12.5%) ثم قام بتعديل الخبر إلى ثمن محتوى الكحول في علبة زجاجة خمر.
______________________
العدد: 1798، 13 ربيع الآخر 1429هـ / 19إبريل 2008م، ص29