وصفت الصحافة العبرية في الكيان الصهيوني زيارة د. يوسف القرضاوي إلى قطاع غزة أخيراً بالخطيرة والنوعية، وأن القرضاوي يمثل “شيخ الجهاد” في مواجهة الكيان الصهيوني.
وقال المستشرق اليهودي “شاؤول برتل” في “معاريف”، في مقال بعنوان “زيارة شيخ الجهاد”: فتاوى القرضاوي أضفت شرعية دينية على شن جهاد لا هوادة فيه ضد “إسرائيل”، وأضاف أن أخطر إسهام للقرضاوي تمثل في أن فتاواه حولت الجهاد ضد “إسرائيل” إلى محل اقتداء ونموذج في العالم العربي والإسلامي، ويرى “برتل” أن زيارة القرضاوي عمقت البعد الديني للصراع وأضفت عليه طابعاً عالمياً.
ونشرت الصحف الصهيونية معارضة السلطة في رام الله لزيارة د. القرضاوي لغزة، وما قامت به من توجيه رسالة إلى الإنتربول الدولي لملاحقة القرضاوي بعد منحه جواز سفر من حكومة إسماعيل هنية كونه جوازاً مزوراً، حسب ادعاء السلطة، ولا يحق لحكومة غزة منح جوازات السفر ولو كان جوازاً دبلوماسياً لضيف كبير مثل القرضاوي.
القرضاوي في غزة.. ترحيب شعبي كبير وسلطة رام الله تهاجمه!
وصل الشيخ العلاَّمة د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى قطاع غزة مساء الأربعاء (8/5) عبر معبر رفح جنوبي القطاع على الحدود المصرية، على رأس وفد كبير من علماء المسلمين من أكثر من 14 دولة، حيث حظي باستقبال رسمي وشعبي كبيرين، ترأسه رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية وعدد من الوزراء والنواب والعلماء.
هذه الزيارة للشيخ القرضاوي (86 عاماً) كانت الأولى منذ عام 1958م، التي اعتبرها الكثيرون أنها بمثابة اختراق جديد في جدار الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة.
وعن سبب الزيارة قال القرضاوي فور وصوله إلى غزة: “جئنا نجدد العهد مع أبناء هذا البلد كله؛ أبناء فلسطين جميعاً؛ من أجل تحرير فلسطين، فكلنا نعمل من أجل تحرير كل فلسطين”، مضيفاً: “كل طموحنا أن نموت في سبيل الله، وأن تحيا فلسطين، نحن مع هذا الشعب الكريم الذي ضحى في كل ما خاض وانتصر”.
شيخ الثورة العربية
هنية وصف الشيخ القرضاوي بأنه “شيخ الثورة العربية والإسلامية والربيع العربي”، وقال: لقد رأيناه وهو يطوف عواصم الثورة.. لذلك، اليوم فلسطين تستقبل شيخ الثورة وشيخ التحول الإستراتيجي في هذه الأمة، كما اعتبر أن استقبال القرضاوي على أرض غزة خطوة في طريق استقباله في القدس وهي محررة.
فيما أكد د. محمود الزهار، القيادي البارز في حركة “حماس”، أن زيارة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. يوسف القرضاوي برفقة 50 عالماً، كانت ناجحة بكل المقاييس، والدليل أن كل سكان غزة ذهبوا للترحيب به، وسماع خطبة الجمعة التي ألقاها.
جولة القرضاوي
وقد شملت الزيارة أهالي الشهداء والأسرى والجرحى، ومن ضمنها زيارة منزل الشيخ الشهيد أحمد ياسين، والقائد الشهيد أحمد الجعبري، كما زار بعض المناطق المدمرة في قطاع غزة، وأقامت “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) مهرجاناً جماهيرياً ضخماً: احتفاءً بقدومه، كما زار “الجامعة الإسلامية” أكبر صرح علمي على مستوى فلسطين، واختتم جولته بخطبة الجمعة في “المسجد العمري الكبير” وسط قطاع غزة.
وقد منحت الجامعة الإسلامية بغزة درجة الدكتوراة الفخرية للشيخ القرضاوي، وقد سلم كل من النائب جمال ناجي الخضري، رئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية، ود. كمالين كامل شعث، رئيس الجامعة الإسلامية، شهادة الدكتوراة الفخرية، وقلداه وسام الجامعة الإسلامية.
كما منح رئيس الوزراء إسماعيل هنية الشيخ القرضاوي الجنسية الفلسطينية وجواز سفر فلسطينياً؛ تقديراً رمزياً لمواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني ومقاومته.
سلطة رام الله بقيادة محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، ومعها فصائل “منظمة التحرير” التي بعضها يتبنى الفكر الشيوعي، شنت هجوماً لاذعاً وغير مبسوق على الشيخ العلاَّمة القرضاوي، واتهمته بتعزيز الانقسام بسبب زيارته لقطاع غزة في ظل حكم حركة “حماس”.
علامة فارقة
وفي تصريح خاص لـ”المجتمع”، قال النائب التشريعي م. عبدالرحمن زيدان من مدينة طولكرم: هذه الزيارة تاريخية بامتياز، وتأتي دعماً للمقاومة، وهي تقدير لأهالي قطاع غزة الذين خاضوا في الآونة الأخيرة حربين من أشرس الحروب مع الاحتلال، وبعد تنفيذ صفقة “وفاء الأحرار” التي انتصرت فيها المقاومة.
وأهل الضفة الغربية ينظرون إلى هذه الزيارة لقطاع غزة كهدية من الأمة الإسلامية للشهداء والجرحى والأسرى والمشردين، فعلماء الأمة وفي مقدمتهم العلاَّمة د. يوسف القرضاوي جاؤوا لغزة هاشم في زمن الزيف، وهي تبشر بخير قادم، فخطبة القرضاوي في ميدان التحرير علامة فارقة في تاريخ مصر بعد عقود من الاستبداد، وزيارته لقطاع غزة علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وسيكون بعدها خير ومبشرات.
____________________________________________________________
العدد (2053)، 8 رجب 1434هـ/ 18 مايو 2013م، ص14.