في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السجائر بمصر، نشطت حملات جديدة لدعوة المدخنين إلى التوقف عن التدخين، وسط مؤشرات إيجابية بالتجاوب، وفق مسؤول حكومي تحدث لـ«المجتمع»، فيما دعا مسؤول أزهري بارز إلى تفعيل كافة الجهود في هذه الفترة لتشجيع المصريين على الحفاظ على صحتهم ومالهم، خاصة أن التدخين يعد، بحسب تقارير طبية متواترة، أحد الأسباب الأساسية لمرض سرطان الرئة، النوع السرطاني الأكثر شيوعاً في مصر.
وشهدت هذه الحملات، وفق الرصد، رواجاً في الشارع المصري بالتزامن مع التحركات الرسمية، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر تدوينات تدعو للامتناع عن التدخين، فيما قدم البعض تجربته في الإقلاع عنها لتحفيز الآخرين على البدء في ذلك.
د. أمين: الحملات إيجابية ومبشرة للغاية ومستمرة
وأصدرت وزارة الصحة المصرية قراراً مؤخراً بحظر التدخين بكافة صوره في مختلف المنشآت الصحية بمصر، وأطلقت حملة إلكترونية ترويجية على وسم «من غيرها أحسن»، بجانب خدمة الخط الساخن على رقم (16328).
مؤشرات إيجابية ومبشرة
في البداية، كشف د. وجدي أمين، مدير إدارة الأمراض الصدرية بوزارة الصحة المصرية، في تصريح لـ«المجتمع»، أن مؤشرات الحملات التي نظمتها الوزارة لمكافحة التدخين إيجابية للغاية ومبشرة، خاصة في الفترات الأخيرة.
وأضاف د. أمين الذي يرأس كذلك جمعية مكافحة التدخين بالقاهرة أن الحملة التي نظمت مؤخراً تحت عنوان «متحدون ضد التدخين» مستمرة بعد نجاحها في الوصول إلى ما يقدر بنحو 29 مليون شخص في مصر؛ ما أسفر عن زيادة معدلات طلب الدعم للإقلاع عن التدخين، مؤكداً أن الوزارة تتواصل مع جهات كثيرة لتفعيل دورها في حملات الامتناع عن التدخين.
د. الفقي: التدخين تهلكة ولا بد من دعم أي تحركات ضده
وكشفت آخر إحصاءات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (جهة حكومية) أن نحو 18 مليون نسمة من إجمالي 105 ملايين مصري مدخنون، فيما يوجد نحو 34 مليون مصري غير مدخن عرضة للتدخين السلبي بسبب وجود فرد مدخن داخل الأسرة.
دعوات مهمة
وأعلن أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر عضو هيئة كبار العلماء بمصر د. فتحي عثمان الفقي، عبر «المجتمع»، تأييد الأزهر الشريف للحملات التي تدعو للامتناع عن التدخين، مؤكداً أنها دعوات مهمة للحفاظ على الصحة والمال والنفس، انطلاقاً من قوله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة: 195).
وأضاف، في حديثه لـ«المجتمع»، أنه لا بد من تحرك جميع العلماء والمسؤولين في جميع المؤسسات بشكل متوازٍ في المساجد والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام والمؤسسات الفنية وغيرها، لدعم مثل هذه الدعوات وتأييدها، لإقناع الجمهور بوقف التدخين والحفاظ على الصحة، خاصة مع غلاء أسعار السجائر.
صراع نفسي
من جانبه، رأى أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة د. جمال فرويز، في حديث لـ«المجتمع»، أن غلاء أسعار السجائر قد يساهم بنسبة ما على المستوى النفسي للتحفيز على الامتناع عن التدخين، ولكن يجب أن يكون بجانبه عوامل مساندة متعددة حتى يظهر أمام المدخنين عدة بدائل أخرى تقف كمحفزات نفسية تراكمية تساعدهم على وقف التدخين.
د. فرويز: تقديم بدائل تحفيزية متعددة للمدخنين قد تنجح المساعي
وأضاف فرويز أن الأمر بلا شك صعب، ويحكمه صراع نفسي، ولكنه قد يكون سهلاً على الذين كانوا يعتبرون التدخين عادة للتنفيس، خاصة مع زيادة الغلاء وضغوط الحياة.
وراجت في الأيام الأخيرة ظاهرة ما يسمى «السجائر الفرط»، وتعني شراء عدد من السجائر وليس علبة كاملة؛ جراء عدم القدرة المالية مع ارتفاع أسعار بعضها الذي وصل إلى 75 جنيهاً للعلبة (الدينار الكويتي = 100 جنيه مصري).