النفاق لغةً: من النفق الذي تحفره بعض الحيوانات كالأرانب وتجعل له فتحتين أو أكثر، فإذا هاجمها عدوها ليفترسها خرجت من الجهة الأخرى، وسمي المنافق بهِ لأنه يجعل لنفسهِ وجهين يظهر أحدهما ويُبطن الآخر.
وشرعًا: هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر، وهو ينقسم إلى نوعين، هما:
نفاق اعتقادي: وهو النفاق الأكبر الذي يظهر صاحبه الإسلام ويبطن الكفر، وهذا النوع مخرج من الإسلام وصاحبه مخلد في الدرك الأسفل من النار لقول الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) (النساء: 145)، وقال الله في أصحابه: (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة: 9).
ونفاق عملي: وهو النفاق الأصغر، وهو عمل شيء من أعمال المنافقين مع بقاء الإيمان في القلب، وهذا لا يخرج صاحبهُ من الإسلام، ويكون فيه إيمان وكفر (كفر دون الكفر الأكبر)، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر»، فمن اجتمعت فيه هذهِ الخصال فقد أصبح منافقاً، ومن كانت فيهِ واحدة منها صار فيه خصلة من النفاق.
ويحكى في أمر المنافقين قول عائشة رضي الله عنها عن دور عبدالله بن أبي بن سلول (زعيم المنافقين) في «حادثة الإفك»: «وكان كبر ذلك عند عبدالله بن أبى بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مسطح وحمنة بنت جحش، وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن من نسائه امرأة تناصيني في المنزلة عنده غيرها، فأما زينب فعصمها الله تعالى بدينها فلم تقل إلا خيراً، وأما حمنة بنت جحش فأشاعت من ذلك ما أشاعت، تضادني لأختها، فشقيت بذلك».
وقول ابن إسحاق: «حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد، انخزل عنه عبدالله بن أبى بن سلول بثلث الناس، وقال: أطاعهم وعصاني، ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب».
أما عن تعيينهم جميعهم زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد، فقد أطلع الله تعالى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ببعض أسمائهم فحسب، وأعلم النبي محمد صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنهم بذلك كما ذكر ابن حديدة: «كان حذيفة من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي بعثه يوم الخندق ينظر إلى قريش فجاء بخبر رحيلهم، وكان أسرّ إليه أسماء المنافقين، فكان عمر يسأله عنهم وهو معروف في الصحابة بصاحب السر، وكان عمر في خلافته ينظر إليه عند موت من يموت فإن لم يشهد جنازته حذيفة لم يشهدها عمر».