الجدُّ الداعية الرباني حريص على جلسة أسبوعية مع الأبناء والأحفاد ذاكراً ربه شاكراً نعمه؛ (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ) (النحل: 72).
وقد رأى الجدُّ الأحفادَ حريصين على أن يكون جهاز التواصل مكتمل الشحن حتى يستمر التواصل والتسامر مع الآخرين، وحتى يستمر اللعب بشتى الألعاب الموجودة.
هنا تذكر الجدُّ أهمية الزاد الإيماني للقلب المسلم، وأننا بحاجة دائمة للاهتمام بشحن القلب والروح؛ فبصلاح القلب تصلح الحياة، وبفساده يعطب الإنسان ويضيع؛ «ألا إن في الجسدِ مضغةً إذا صلَحتْ صلحَ لها سائرُ الجسدِ، وإذا فسدت فسد لها سائرُ الجسدِ ألا وهي القلبُ»(1).
فيا أيها الأبناء والأحفاد، لنحرص على شحن القلب والروح أكثر من شحن أجهزة التواصل لدينا.
أحد الأحفاد: جدي العزيز، وبأي وسيلة نشحن قلوبنا وأرواحنا؟!
الجدُّ: شكراً عزيزي، هذا ما أردت تذكيركم به الليلة.
إن شحن القلب والروح بالإيمان بالله وحده والعمل الصالح طريق تهذيب النفس.
– إن طريق تهذيب النفس وإصلاحها طريق طويل يحتاج إلى الإخلاص والاستعانة بالله تعالى، كما يحتاج إلى الصبر والمثابرة وتجديد الطاقة الروحية من خلال الإكثار من التعبد، وتذكر الدار الآخرة.
– إن تألقنا الروحي يخمد من كثرة المشاغل والأعمال ومن كثرة الاختلاط بالناس، وإن بعثه من جديد يتطلب شيئاً من الخلوة والعزلة للذكر والمناجاة والثناء على الله تعالى والمحاسبة والتفكر، وهذا هو دأب الربانيين في كل زمان ومكان.
– لذة المناجاة والشعور بمعية الله تعالى.
– الحياء منه جوهر التيار الروحي الذي يجب أن ننشئه اليوم لمواجهة التيار المادي والشهواني الذي جعل الناس ينتشرون في كل اتجاه بحثاً عن الملذات.
– السجن الحقيقي ليس ذلك الذي يقيد حركة أجسامنا، لكنه سجن الروح الذي يصنعه الإنسان لنفسه من خلال التلطخ بالمعاصي، والغرق في متع الدنيا وهمومها(2).
أيها الأبناء والأحفاد، ريحانة عمري وفلذات كبدي، إن شحن القلب بتغذية الروح والنفس بالغذاء الإيماني كما علمنا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن خلال الآتي:
– المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة وفي المسجد.
– تذكر إخلاص العمل لله وحده والتعوذ بالله من الرياء والشرك.
– غض البصر عن المحرمات.
– الحذر من بعض برامج أجهزة التواصل التي تحث على الفاحشة والشذوذ وتستخدم الكلمات الفاحشة والبذيئة والحركات الهابطة المنحطة!
– تلاوة الورد اليومي من القرآن الكريم.
– ذكر الله تعالى وحفظ أذكار اليوم والليلة.
– تخصيص وقت خلوة مع النفس للتأمل والمحاسبة، وليكن ذلك في الجلوس في بعد الصلوات مثلاً.
– الحرص على الصدقة ومسح رأس اليتيم والعناية بالفقير والمسكين.
– الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
– صيام النوافل، والحرص على قيام الليل، والاستغفار بالأسحار، والدعاء.
– بر الوالدين أحياء وأمواتاً.
– زيارة المقابر وتشييع الجنائز لتذكر الآخرة.
– صحبة الأخيار والصالحين من المؤمنين.
– تجديد التوبة بكثرة الاستغفار والإقلاع عن الذنب والندم والعزم على عدم العودة إلى الذنب.
– الجِد والتأهب للرحيل إلى الدار الآخرة(3).
جِدّوا فَإِنَّ الأَمرَ جِدُّ وَلَهُ أَعِدُّا وَاستَعِدّوا
لا يُستَقالُ اليَومَ إِن وَلّى وَلا لِلأَمسِ رَدُّ
لا تَغفُلُنَّ فَإِنَّما آجالُكُم نَفَسٌ يُعَدُّ
وَحَوادِثُ الدُنيا تَرو حُ عَلَيكُمُ طَوراً وَتَغدو
وَالمَوتُ أَبعَدُ شُقَّةً ما بَعدَ مَوتِ المَرءِ بُعدُ
إِنَّ الأُلى كُنّا نَرى ماتوا وَنَحنُ نَموتُ بَعدُ
والحمد لله رب العالمين.
_______________
(1) حديث صحيح.
(2) عبدالكريم بكار، المسلم الجديد.
(3) إصدار جمعية الإصلاح الاجتماعي، الوصايا التربوية.