ولد عبدالله سلطان الكليب، رحمه الله، عام 1925م، بالحي القبلي بالكويت، ودرس في مدرسة الشيخ محمد العجيري، ثم في مدرسة الشيخ أحمد الخميس، ثم في مدرسة إبراهيم العريض بالبحرين، ثم في مدرسة المباركية بالكويت، وكان من أساتذته سيد عمر، وعبدالملك الصالح المبيض، وأخيرًا في مدرسة الأحمدية، ثم مارس الأعمال الحرّة، وتقلد بعض الوظائف الحكومية، وكان آخرها وكيل وزارة البريد والبرق والهاتف، وكان أحد المؤسسين لجمعية الهلال الأحمر الكويتية.
عمل والده سلطان الكليب عضوًا في أول مجلس للمعارف عام 1936م، ومديرًا للبلدية، ومديرًا للمكتبة الأهلية، وكان الابن بارًا بأبيه مطيعًا له.
لقد عاش أبو سلطان بقية حياته عازفًا عن الدنيا مقبلًا على الآخرة مكثرًا من الصيام، وخاصة يومي الإثنين والخميس، مجتمعًا مع النخبة من خلصاء إخوانه كل أسبوع، يتدارسون شؤون المسلمين ويعيشون قضاياهم ومشكلاتهم، ويسهمون قدر المستطاع في تخفيف الآلام عن المصابين وإقالة عثرات الكرام من المحتاجين، والإصلاح بين المتخاصمين والتعاون على البر والتقوى، وتحقيق التكافل بين العاملين للإسلام وشد أزرهم ونصرتهم على أعدائهم، وله العديد من المواقف النبيلة التي ساعد فيها إخوانه المسلمين في تقلد الكثير من المناصب والوظائف بحكم الكفاءة والاستقامة والنزاهة والإخلاص في العمل وأداء الواجب.
صفاته ومواقفه
كان رحمه الله كريم النفس يبذل بسخاء في مواطن الخير، ويسعى في قضاء حوائج إخوانه المسلمين، ويشفع لمن يستحق الشفاعة، ويقول كلمة الحق لا يخاف لومة لائم، وهو مقدام شجاع لا يتردد في مواقف الرجولة، ينجد الملهوف، ويقف بجانب الضعيف، ويؤثر أخوّة الدين على أخوّة الطين؛ لأنه يؤمن بأن جنسية المسلم هي عقيدته، وليس ثمة شيء يعلو عليها أو يتقدمها، وهو يعرف لأصحاب السابقة والفضل سبقهم وفضلهم ويذكرهم بالخير ويدعو لهم.
وكان صاحب همة ونشاط، ينافس إخوانه العاملين في الحقل الإسلامي، من أجل رفع راية الإسلام وإعلاء كلمته وتطبيق شريعته والوقوف إلى جانب إخوانه المسلمين في بقاع الأرض.
يلقاك ببشاشة الوجه وطيب الكلام ودماثة الخلق، ويحدّثك ببساطة ويكثر من الدعابة والطرافة لإدخال السرور على روّاد مجلسه.
كان يكرر القول: إن الأمة المسلمة لا بد أن تلتقي على القواسم المشتركة، وأن يتعاون الدعاة إلى الله في كل مكان، ليكونوا في خندق واحد للتصدي لدعاة الباطل، وأعوان الشرق والغرب في الداخل والخارج الذين ينطلقون في حربهم للإسلام والمسلمين عن قوس واحدة؛ لأن الكفر ملة واحدة، وأنه ليس كالتربية الروحية والعناية ببناء الرجال من وسيلة للصمود أمام هذا الطوفان من الأفكار الوافدة، والنظريات الهدامة، والأخلاق والعادات المستوردة، التي تصادم عادات المسلمين وتقاليدهم وأخلاقهم وقيمهم، وأن منهج الإخوان المسلمين التربوي الذي أرسى قواعده الإمام الشهيد حسن البنا هو المنهج الأمثل لبناء الجيل الجديد وتربية الرجال المؤمنين؛ لأنه منهج مستقى من الكتاب والسُّنَّة، وقد أثبتت التجربة صلاحيته وصمود نماذجه من دعاة الإخوان المسلمين في كل مكان وفي جميع المواقع أمام كل المحن والابتلاءات التي تعرضوا لها من الطغاة المتعاقبين في أكثر من قُطر.
تأسيس جمعية الإرشاد
كان عبدالله الكليب، يرحمه الله، له الدور الأساس في تأسيس جمعية الإرشاد الإسلامي، فقد عُقد الاجتماع الأول التحضيري في ديوانيته عام 1952م، بحضور الإخوة: محمد العدساني، عبدالرزاق العسكر، علي الجسار، عبدالعزيز العلي المطوع، عبدالرزاق الصالح المطوع، خالد العيسى، وغيرهم فكانت ثمرة هذا الاجتماع تأسيس هذه الجمعية المباركة التي قدّمت الصورة المشرقة المضيئة عن الكويت وأهل الخير فيها وسعيهم الدؤوب لنصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان وزمان.
وقد بادرت الجمعية لتشكيل وفد ضم الحاج عبدالرزاق الصالح المطوع، وعبدالله سلطان الكليب، وآخرين، للسفر إلى الأردن وتقديم العون والمساعدات المالية والعينية من الخيام والملابس والأغذية إلى إخواننا اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم بالأردن عام 1952م، مما كان له أطيب الأثر في نفوس إخواننا الفلسطينيين الذين وجدوا الإخوان المسلمين معهم متطوعين في ميدان الجهاد والقتال عام 1948م، ومتطوعين في مجال العون والإغاثة في المجتمعات وتلك أخوّة الإسلام الحقة.
ولقد ساهمت جمعية الإرشاد الإسلامي في أنشطة مختلفة داخل الكويت وخارجها، واستقطبت أعدادًا ضخمة من رجال الكويت وشبابها فانتظم في صفوفها الخيّرون من أبنائها أمثال: عبدالرحمن العتيقي، خالد الجسّار، محمد بودي، يوسف الرفاعي، عبدالله العلي المطوع، غانم الشاهين، عبدالرحمن الدوسري، أحمد الغنام، عبدالرحمن الولايتي، خالد الرويشد، سعود السميط، يعقوب الغنيم، عبدالرحمن المجحم، وغيرهم كثيرون.
وقد لقيت الجمعية القبول لدى المسؤولين وأعيان الكويت فضلًا عن عامة الناس، فانتشرت دعوتها، وتوسَّع نشاطها بحيث شمل جميع المناطق ومختلف الطبقات، وصار شباب الجمعية كالشامة في جبين الكويت لصدقهم وإخلاصهم وخلقهم ووفائهم وبذلهم وعطائهم وجهدهم وجهادهم، فصدرت مجلة «الإرشاد الإسلامي»، وقامت مدرسة الإرشاد الإسلامي، وفتحت مكتبة الإرشاد الإسلامي، ومركز الشباب الرياضي والثقافي، وأقيمت الندوات والمحاضرات والدروس والحفلات والكتائب والرحلات والمخيمات والمعسكرات الكشفية، وانتشرت الكتب الإسلامية والأناشيد الحماسية، وتحفيظ القرآن الكريم وقيام الليل وصيام الإثنين والخميس، وقيام شباب الجمعية برحلات إلى العراق وسورية ولبنان والأردن والحج والعمرة، واستضيف العديد من الدعاة لزيارة الكويت وإلقاء المحاضرات فيها؛ فقد زارها البشير الإبراهيمي، ومحمد عبدالرحمن خليفة، وكامل الشريف، وعبدالحكيم عابدين، وسعيد رمضان، ومحمد محمود الصواف، وغيرهم من الدعاة في أنحاء العالم الإسلامي.
نصرة القضية الفلسطينية
وصارت الكويت رغم صغر حجمها وقلة عدد سكانها مصدر إشعاع للدعوة الإسلامية، ومقصد الكثير من العاملين في الحقل الإسلامي، حيث يجدون عند الصالحين من أهلها، كل الحب والتقدير والإجلال والاحترام والمؤازرة والمناصرة، بل كانت الكويت من الدول السباقة في نصرة الجهاد الإسلامي عام 1936م بفلسطين حين زارها وفد من الشام يضم كاظم الصلح، وفخري البارودي، مناشدين الكويتيين نصرة إخوانهم الفلسطينيين.
حبه للجهاد
وفي آخر حديث صحفي له مع جريدة «القبس» الكويتية بعددها (6331) بتاريخ 23/ 12/ 1989م قال الكليب: لقد أسسنا جمعية الإرشاد الإسلامي عام 1952م كجمعية إسلامية خيرية، وبدايتها عقد اجتماع في ديواننا بحضور عدد من الإخوة، منهم: محمد العدساني، وعبدالرزاق العسكر، وعلي الجسار، وخالد العيسى وآخرون
رحمه الله رحمة واسعة وتقبَّله في الصالحين من عباده وحشرنا وإياه مع النبيين، والصديقين، والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا.
___________________
1- أرشيف مجلة «المجتمع».
2- عبدالله العقيل: المجاهد الصامت عبدالله الكليب، مجلة «المجتمع»، العدد (1280)، 16 شعبان 1418هـ/ 16 ديسمبر 1997م، ص50 – 51.