الزواج في الإسلام سكن للنفس، وراحة للقلب، واستقرار للضمير، وتعايش بين الرجل والمرأة على المودة والرحمة والانسجام والتعاون والتناصح والتسامح، ليستطيعا في هذا الجو الأليف الوديع الحاني أن يؤسسا الخلية السعيدة، التي تريش فيها الفراخ الزغب، وتنشأ فيها الأسرة المسلمة السليمة.
وقد صور القرآن الكريم هذه العلاقة الفطرية الأبدية بين الرجل والمرأة تصويراً رقيقاً، تشيع فيه أنداء السكينة والأمن والطمأنينة، ويفوح منه عبير المحبة والتفاهم والرحمة؛ (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الروم: 21).
إنها صلة النفس بالنفس في أوثق وشائجها، يعقدها الله بين النفسين، لتنعما بالسكينة والاستقرار والراحة، في بيت الزوجية الهنيء المحبب، العامر بالمودة الخالصة والرحمة الظليلة الحنون.
والمرأة الصالحة في الإسلام من أعظم نعيم الدنيا على الرجل، إذ يسكن إليها من لأواء العيش ولغوب الكدح والنصب، فيجد عندها الراحة والسلوى والمتاع الذي لا يدانيه في حياة الإنسان متاع، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة».
وانطلاقاً من هذه النظرة السامية للزواج والمرأة، لا تستهوي المسلم الحق المظاهر الفارغة التي تتستر بها بعض فتيات هذا العصر، وإنما تستهويه شخصية الفتاة المسلمة الكاملة، ساعياً إلى الارتباط بمن تحلت بالصفات الإسلامية العالية التي تحقق الحياة الزوجية الهنيئة المستقرة، ومن هنا لا يكتفي الرجل المسلم بالجمال فحسب، وما إلى ذلك مما يقف عنده غيره من بهارج وزخارف، بل يتطلب إلى جانب ذلك كله الدين القويم، والعقل الراجح، والسيرة الحسنة، مستهدياً بهدي الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه القائل: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك».
إنها النظرة النبوية الهادية الصائبة إلى شخصية المرأة التي تستطيع أن تهب الرجل السعادة والسكينة والاستقرار، والتي تستطيع أن تخلع على عش الزوجية البشاشة والأمن والرضا، وتكون بالتالي مربية الأجيال، وصانعة الأبطال، ومنشئة العباقرة.
وإنه للحرص من رسول الإسلام العظيم على أن يبنى الزواج على أساس مكين راسخ متوازن من مطالب الجسم والعقل والروح والعاطفة، ليكون قوياً لا يزعزعه تنافر الأمزجة، ولا تعصف به نزوات النفوس، ومن هنا كان المسلم الحق المستهدي شريعة الله في خطواته كلها بصيراً، لا يقع في حبائل خضراء الدمن، وهي المرأة الحسناء في منبت السوء.