فقدت القدس، أمس الأحد، أحد أبرز علمائها، الشيخ جميل عبدالرحيم حمامي، عن عمر ناهز 71 عاماً، بعد مسيرة ظل طوالها مدافعاً عن المسجد الأقصى، وبناء المؤسسات التربوية الوطنية والدينية في المدينة المقدسة.
وشاركت جماهير غفيرة في تشييع جثمان الشيخ الراحل من المسجد الأقصى المبارك إلى مقبرة باب الرحمة شرقي المسجد.
يُعد الشيخ حمامي من الشخصيات المقدسية البارزة الاعتبارية، وشغل العديد من المناصب، أبرزها مدير المسجد الأقصى ودار الحديث، وشغل حتى رحيله إدارة جمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية، والإدارة العامة لمدارس الإيمان في القدس.
الداعية المصلح
وقد نعته شخصيات وهيئات وفصائل فلسطينية، مستذكرين مناقبه وجهاده ودعوته ورباطه في القدس والمسجد الأقصى.
وقالت هيئة علماء فلسطين: رحم الله تعالى الشيخ جميل عبدالرحيم حمامي، أمين سر الهيئة الإسلامية العليا في القدس، ومدير المسجد الأقصى الأسبق، الذي نذر حياته لخدمة مسرى النبي ﷺ وعاش مع الأقصى وللأقصى.
وأشارت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في تصريح صحفي، إلى أن الشيخ الراحل نذر حياته لخدمة وطنه ودينه وشعبه، والدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، وكان في طليعة من وقف في وجه الهجمة الصهيونية على القدس وأبنائها، وتصدى باقتدار لمحاولات التهجير والتهويد، وقدم في سبيل ذلك الكثير من التضحيات، وتعرض للملاحقة والتضييق الصهيوني على مدار سنوات طويلة.
وأكدت أنه كان ركناً من أركان المسجد الأقصى المبارك، ولبنة كريمة في جدار الذود عنه وعن طهره، وفي طليعة الذين تصدروا الدعوة والإصلاح في المدينة، ولم يكلّ ولم يملّ حتى الرمق الأخير من أجل العمل على بناء جيل معتز بدينه وهويته، متجذر في وطنه، ومدافع عن حقوقه ومقدساته.
وقال نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني الشيخ كمال الخطيب: رحل اليوم عن دنيانا علم من أعلام القدس الشريف صاحب الأيادي البيضاء والبصمات المباركة في ميادين الدعوة والتعليم في القدس الشريف وأكنافها.
وأضاف: يكفي الشيخ شرفًا أنه أشغل موقع مدير المسجد الأقصى المبارك لسنوات عديدة.
نشأته وتعليمه
ولد الشيخ حمامي في مدينة معان الأردنية عام 1952م، حيث كان والده يعمل شرطيًّا، وانتقلت العائلة لتعيش في القدس عام 1953، واستقر بها المقام في المدينة المقدسة.
التحق بكلية الشريعة بجامعة الأزهر وحصل منها على درجة الليسانس في الشريعة عام 1977م، ثم التحق عام 1982 بجامعة عين شمس لدراسة الماجستير، لكنه عاد بعد فترة وجيزة ولم يكمل دراسته.
والتحق حمامي عام 1997م ببرنامج الدراسات العليا في جامعة القدس للحصول على الماجستير.
وعمل الراحل في مجال التدريس والوعظ والخطابة والأعمال الإدارية، فقد عمل فور تخرجه في المرحلة الثانوية عام 1973م إمامًا وخطيبًا في مسجد بيرزيت، وذلك قبل سفره إلى مصر.
وبعد تخرجه في الجامعة عام 1977م عمل واعظًا متجولًا في منطقة رام الله، ثم مدرسًا في مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية، فمديرًا لدار الحديث الشريف في المسجد الأقصى المبارك، ومديراً للمسجد الأقصى ولأوقاف بيت لحم، ثم مساعدًا لمدير المعهد الشرعي (كلية العلوم الإسلامية) في أبو ديس في القدس، ثم باحثًا في جامعة القدس.
شارك الشيخ حمامي في تأسيس دار الحديث الشريف عام 1979م، وفي تأسيس جمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية عام 1984م، وهو أمين سرها ومديرها التنفيذي منذ التأسيس.
واهتم الشيخ حمامي بإقامة مهرجانات سنوية خاصة بإحياء السُّنة النبوية وبإقامة معارض الكتب السنوية.
أعد الشيخ حمامي كتابًا في مصطلح الحديث عام 1982م، وله رسالة بعنوان «مع الغزالي في نظريته التربوية».
التحق الشيخ حمامي بجماعة الإخوان المسلمين أثناء دراسته الجامعية، وشارك في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
اعتقالاته في سجون الاحتلال
اعتقل للمرة الأولى عام 1988م بتهمة المشاركة في تأسيس «حماس» وتوجيه الانتفاضة الفلسطينية وحكم عليه بالسجن 18 شهرًا.
وفي عام 1990م اعتقلته سلطات الاحتلال من مطار اللد بعد عودته من أمريكا حيث حضر مؤتمر رابطة الشباب المسلم هناك، وحكمت عليه 20 شهرًا بتهمة التنسيق بين الفصائل وتوقيع وثيقة الشرف بين «حماس»، وحركة «فتح».
اعتقل مرة ثالثة وحكم عليه مدة 6 أشهر بتهمة التحريض ضد الاحتلال.
شارك في التنسيق والإصلاح بين التنظيمات والفصائل الفلسطينية، وفي عام 1994م سافر إلى القاهرة والسودان للمشاركة في الحوار بين السلطة وحركة «حماس».