طالبت فصائل وقوى فلسطينية، اليوم الأربعاء، السلطة الفلسطينية بالتحرر من «اتفاق أوسلو»، وسحب اعترافها بـ«إسرائيل»، وإلغاء الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والأمنية التي ترتبت على الاتفاق وملحقاته كافة.
ويوافق اليوم الأربعاء الذكرى الـ30 لـ«اتفاق أوسلو»، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني في العاصمة الأمريكية واشنطن عام 1993م.
ففي 13 سبتمبر 1993، وقّع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ورئيس وزراء الاحتلال آنذاك إسحق رابين، اتفاق تشكيل «سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي»، والمعروف بـ«اتفاق أوسلو»، الذي مهد لمرحلة جديدة من تاريخ القضية الفلسطينية.
ويُعرف هذا الاتفاق رسميًا باسم «إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي»، بينما أُطلق عليه اسم «أوسلو»، نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية، حيث جرت هناك المحادثات السرّية التي أنتجت الاتفاق.
ارتهان للاحتلال
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رفضها لكل الاتفاقيات التي تتنازل عن الثوابت والحقوق الوطنية، داعيةً قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى إعلان فشل اتفاقيات «أوسلو» وانتهاء الالتزام بها، وسحب اعترافها بالكيان الصهيوني المحتل، والعمل مع الكل الوطني لترتيب البيت الفلسطيني، وإنجاز الشراكة الوطنية الحقيقية، عبر التوافق على إستراتيجية وطنية جامعة وبرنامج نضالي في مواجهة الاحتلال الصهيوني الفاشي، حتى تحقيق تطلعات الشعب في التحرير والعودة.
وأشارت الحركة، في بيان صحفي، في الذكرى الـ30 لاتفاقية «أوسلو» المشؤومة إلى أن الاتفاقية حيكت خيوطها خدمة للاحتلال الصهيوني ومشروعه الاستيطاني والتهويدي على أرضنا، حيث لم يجن منها شعبنا الفلسطيني سوى المزيد من الآلام والمعاناة والمآسي، وأصبحت عبئاً كارثياً يتحمّل مسؤوليته كلّ من شارك فيه، ليتأكد مجدّداً مستوى الضياع وانسداد الأفق السياسي الذي تتخبّط فيه القيادة المتنفذة في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، لاستمرار تمسّكها بمسلسل التفاوض العبثي وسياسة التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، وارتهانها لما تمليه عليها القوى المعادية لشعبنا وحقوقه، بعيداً عن التوافق والشراكة الوطنية.
المقاومة الشاملة
وأكدت «حماس» أن فشل حكومات الاحتلال المتعاقبة في كسر إرادة وصمود شعبنا، والنيل من عزيمة مقاومتنا في قطاع غزّة وعموم الضفة الغربية المحتلة، بفضل وحدة شعبنا ومقاومته، يؤكّد مجدّداً أنَّ خيار المقاومة الشاملة والوحدة الوطنية هو السبيل لانتزاع الحقوق كاملة غير منقوصة.
ودعت الحركة إلى تعزيز الوحدة والشراكة الوطنية والتوافق على برنامج نضالي في مواجهة الاحتلال ولتحقيق تطلعات شعبنا في التحرير والعودة.
وقالت: إنَّ التفاف شعبنا في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات واحتضانه الكبير لمشروع المقاومة يبعث برسالة إجماع على المقاومة والثورة سبيلاً نحو التحرير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ما يرسّخ حقيقة أنَّ الرّهان على مشاريع التسوية والتفاوض ما هو إلاّ محض سراب ووَهْم.
نفق مسدود
وقالت حركة الجهاد الإسلامي: إن اتفاق أوسلو طعنة لقضية فلسطين وشعبها، وهو يوم مشؤوم في تاريخ القضية الفلسطينية.
وأكدت الحركة، في بيان، أنه قسّم الأرض، ومزق الشعب، وحرف القضية من المطالبة بكامل أرض فلسطين وعودة أهلها إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم، إلى استجداء المطالبة بدويلة على حساب آلام شعب وبقايا أشلاء وطن.
وأضافت: أزال الاتفاق من وجه المطبعين العرب كل حرج، وسهل لهم كل سبيل، ومهد لهم كل طريق، وفتح لهم كل باب، للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، بل ومنحهم الذريعة بأن أصحاب القضية أنفسهم قد طبعوا، وهي ذريعة يرددها أصحاب الأجندات المشبوهة، وما كان لهم أن يتفوهوا بها لولا خطيئة «أوسلو».
وقالت الجهاد: إنه وبعد مضي ثلاثين عامًا على الاتفاقية المشؤومة، عجز أصحابها ومروجوها عن تحقيق الحد الأدنى من الأهداف التي أعلنوها، وأدخلوا قضيتنا وشعبنا في نفق مسدود، بل وجروا شعبنا إلى مربع الانقسام الداخلي البغيض، ومع ذلك، لا يزال هناك من يتمسك بمندرجاتها ويراهن على تبعاتها ويشارك في نتائجها.
وأكدت عدم اعترافها بكل مندرجات «أوسلو»، «ورفضنا لكل ما نتج من انقسام داخلي، وتقسيم للأرض، وتمزيق للشعب، وتشويه لقضيتنا المحقة، وتعريض مقدساتنا لخطر التهويد، كما نرفض بالدرجة الأولى كل أشكال التواصل والتنسيق مع العدو، وفي مقدمها التنسيق الأمني المدنس».
أخطار جسيمة
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين معتصم حمادة: إن «اتفاق أوسلو» أدخل الشعب الفلسطيني وقضيته في مأزق عميق، وعرض حقوقه الوطنية المشروعة لأخطار جسيمة.
وأضاف حمادة أن الاتفاق المذكور بدد الكثير من طاقات الشعب ونضالاته، أطاحت بها التنازلات المجانية والرهانات الهابطة، والسياسات الفاسدة.
وتابع: فضلاً عن كون الاتفاق همش قضية اللاجئين وحق العودة، ومصير مدينة القدس، فقد همش كذلك الأرض الفلسطينية حين وافق الجانب الفلسطيني على اعتبارها «أرضاً متنازعاً» عليها يحسم أمرها في مفاوضات الحل الدائم، التي ما زالت معلقة، منذ مايو 1999م، في الوقت الذي يلتهم فيه الاحتلال والاستيطان الأرض، وصولاً إلى الإعلان عنها «ملكاً للشعب اليهودي حصراً».
ودعا حمادة إلى التوقف عن سياسة تمديد العمل بـ«اتفاق أوسلو»، وسياسة توفير الغطاء السياسي لتمديد أمد الاحتلال، والتوقف عن سياسة تعطيل قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وانتهاك القوانين الفلسطينية وقرارات الإجماع الوطني بما في ذلك إعلان الاستقلال في 15/ 11/ 1988م، الذي تعمل القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية على استبدال تفاهمات بائسة به، سقفها السياسي ضمان بناء سلطة الحكم الإداري الذاتي، بما توفر للطبقة الحاكمة، من مصالح ومغانم، على حساب المصالح العليا لشعبنا الفلسطيني.
وأكد أن سياسات تطويق المقاومة الشاملة، من خلال اعتقال المقاومين في الضفة الفلسطينية وحشرهم في زنازين الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية سوف تبوء بالفشل الذريع، خاصة وأن شعبنا، وبخياره المستقل، اعتمد المقاومة سبيلاً للخلاص الوطني بعد أن تأكد بالملموس زيف سياسات اتفاق أوسلو والتزاماته وفشلها.