أثار قرار وزارة التربية والتعليم بمصر للعام الدراسي الجديد 2023-2024م، بحظر النقاب في المدارس واشتراط علم ولي الأمر بحجاب ابنته، انتقادات واسعة في الساعات الأخيرة، من المنتظر أن تصل إلى ساحات القضاء ومجلس النواب، وفق بيانات رسمية لحزب النور السلفي وأعضاء بمجلس النواب، بالتزامن مع انتشار حملات إلكترونية مصرية رافضة، على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بمصر، مستخدمة وسمي: «لا لحظر النقاب»، «لا لمنع النقاب».
وأكد مختصون لـ«المجتمع» أن المدارس المصرية تعاني من عدة أزمات تحتاج إلى قرارات عاجلة بالمنع والحظر، منها: التكدس الطلابي ونقص الفصول والمعلمين، وزيادة نسب الدروس الخصوصية، وتجاهل التعليم الرسمي، وزيادة نسب البلطجة والسلوكيات غير المقبولة.. بدلاً من إثارة بلبلة في المدارس بقضايا مثل لبس النقاب من عدمه.
عبدالشكور: مشكلات التعليم كثيرة ليس من علاجها التشديد على النقاب والحجاب
مشكلات كثيرة
في البداية، يؤكد الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون التعليمية محمد عبدالشكور، في حديثه لـ«المجتمع»، أنه كان يجب على وزير التعليم بدلاً من حظر النقاب في المدارس أن يعالج مشكلات عديدة في وزارته وأقلها: نسبة العجز في المدارس، وعدم وجود مقاعد تكفي معظم الطلاب، ووجود فترتين وأكثر في المدارس مع زيادة الكثافة في الفصول.
ويضيف عبدالشكور أن أزمات التعليم كثيرة، منها أنه لا يوجد مدرسون في مراحل الثانوية بغالبية المدارس، كما أن الطلاب والطالبات لا يذهبون للمدرسة لعدم جدية العملية التعليمية التي أصبحت عبارة عن مكان للقاء الطلاب والتلاميذ للاتفاق على الدروس الخصوصية، بجانب انتشار ظاهرة البلطجة من الطلاب والسلوك غير المقبول بين الطلبة والطالبات لعدم وجود تربية أو تعليم، بسبب غياب الرقابة والعجز في الإشراف والمدرسين.
ويرى الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون التعليمية أنه كان على الوزير ترك مسألة هذا اللباس كحرية شخصية لن تضر، ولا يكرر نهج النظام الفرنسي الذي منع ارتداء الطالبات لـ«العبايات»، خاصة أن مصر بلد الأزهر، وتلك القرارات بعيدة عن العادات والتقاليد وسماحة الدين، معرباً عن أسفه لتشديد الوزارة على الطالبات الملتزمات بزي يرونه امتثالاً لتعاليم دينية والانشغال بإصدار تلك القرارات بدلاً من معالجة عورات التعليم المصري والمدارس التي باتت مجرد حوائط.
مخالفة للدور التربوي
ويرى الباحث في الفكر الإسلامي والتربوي عصام جمعة، في حديثه لـ«المجتمع»، أن إثارة الأزمة غرضها إلهاء المصريين عن السؤال عن الدور التربوي والتعليمي المنتظر في المدارس بالعام الدراسي الجديد، مؤكداً أن دور الوزارة صيانة القيم التربوية والفضيلة وتربية النشء على الأخلاق، بجانب المهمة التعليمية، وهو الأمر الذي يتعارض مع القرار الصادر.
جمعة: مخالفة لدور الوزارة التربوي وإلهاء للناس عن أزمة التعليم
ويوضح الباحث الإسلامي والتربوي أن المستقر أن الحجاب فريضة، والنقاب فضيلة؛ وبالتالي فمن غير اللائق الحجر على حجاب طالبة أو نقاب أخرى، خاصة أن طلب إقرار من الأب عن حجاب ابنته أمر مستفز ولم يحدث بالمثل على سبيل المقارنة مع غير المحجبة، فكان الأولى صيانة الحرية الشخصية واحترام عقائد الطالبات.
ويتساءل جمعة: لماذا نحارب القيم ونحن في أمسّ الحاجة إليها في ظل انتشار الفساد الأخلاقي والتحرش في هذه المرحلة العمرية الخطيرة؟! ولماذا نعيد فتح قضية سبق أن سقطت في التسعينيات مع رفض المجتمع لها، في ظل حالة المدارس المتردية التي وصلت إلى 3 فترات و80 تلميذاً بالفصل؟!
ويؤكد الباحث الإسلامي والتربوي أن الحفاظ على القيم ضمانة لاستقرار المجتمع والحفاظ على أمنه، خاصة أن الأمم من حول مصر تنهار أو على شفا الانهيار بسبب ضعف منظومة القيم فيها، واختلالها في إيثار الحديث عن الجسد دون الحديث عن الفضائل والأخلاق.
تخالف القانون والدستور
من جانبه، يقول المستشار القانوني والمحامي عمرو عليّ الدين، لـ«المجتمع»: القرار الوزاري مخالف للقانون والدستور، وحرية الاعتقاد والعبادة مكفولة بنصوص الدستور والقانون والأحكام القضائية المتواترة، والأولى كان أن تصدر الوزارة قرارات منظمة بحظر التدخين في المدارس من المدرسين والطلاب، ومنع حالات الإدمان، والتسرب من التعليم، وجعل المدرسة بيتاً وجزءاً أساسياً من حياة الطالب يرعاها ويحافظ عليها وتحافظ عليه.
عليّ الدين: مخالفة للقانون والدستور وهناك قرارات أولى
وشدد المستشار القانوني على أن الأولى له كأب أن تركز الوزارة على قرارات أخرى ذات ضرورة؛ مثل إصدار قرار بحفظ حقوق كل الطلاب في عملية تعليمية جيدة تصون لهم جواً من الرفاهية التعليمية، وقرار بحفظ آدمية المعلم وقيمته التربوية، والتركيز على صيانة البنات وتوعيتهن إيجابياً بما يحفظهن من أي عدوان، بدلاً من عقد محاكم التفتيش.
وفي السياق نفسه، وصف عضو الهيئة البرلمانية لحزب النور بمجلس النواب د. أحمد حمدي خطاب، القرار الوزاري بأنه صادم، ويتسبب في زعزعة استقرار البلاد، موضحاً أن القرار مُخالف للدستور ومرجعيته للشريعة الإسلامية في المادة الثانية، ومخالف للدستور الذي أقر بحفظ الحرية الشخصية في مواده، ومخالف أيضاً للقانون، حيث خالف قرار المحكمة الإدارية العليا– دائرة توحيد المبادئ في عام 2008م الذي نص على أن النقاب أمر مباح وهو حرية شخصية لا يجوز منعه، وهو ملزم لجميع المحاكم وجميع سلطات الدولة، وفق بيان رسمي.