في سابقة خطيرة، أصدر «مكتب الأخلاقيات» التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) نشرة تثقيفية تُقر الشذوذ الجنسي، في إجراء مخالف لقيم المجتمع وأعرافه ومنافٍ للإسلام.
وقد تفاجأ الشارع الفلسطيني، خلال الأيام الماضية، بقيام «الأونروا» بتوزيع نشرات في قطاعي الصحة والبيئة والتعليم داخل المدارس والعيادات ومراكز صحة البيئة، تسيء لعاداته وتخالف العقيدة والأعراف العربية والإسلامية وقيم المجتمع الفلسطيني المسلم.
احتوت على أفكار دخيلة وألفاظ منافية للأخلاق والدين والفطرة السوية
ترويج للشذوذ والانحلال الأخلاقي
النشرة التي عنونت بـ«مدونة قواعد السلوك» جاءت في حدود 69 صفحة، واحتوت على أفكار دخيلة على المجتمع الفلسطيني بطبعه المحافظ، وشملت ألفاظاً منافية للأخلاق والدين ومخالفة للفطرة البشرية السوية، وعمدت وبصورة علنية إلى نشر أفكار شاذة تروج للمثلية والشذوذ الجنسي والإباحية.
ومن أبرز الأفكار الخطيرة التي شملتها المدونة ما يسمى بـ«حقوق المثليين والميول الجنسية» (الشذوذ)، التي ادعت «الأونروا» وجودها بين الموظفين واللاجئين، والمساواة بين الجنسين، وعدم الإدلاء بتصريحات أو الانخراط في سلوكيات تحرض على الكراهية أو على أي أشكال أخرى من التمييز على أساس عدة معايير، منها الميل الجنسي، وحماية الأشخاص الشاذين جنسياً وعدم التحريض عليهم أو إبداء الكراهية ضدهم أو حتى انتقادهم.
رفض فلسطيني
ولاقى إصدار هذه المدونة استنكاراً واسعاً ورفضاً كبيراً من الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه ومؤسساته ونقاباته ولجانه وأحزابه المختلفة، حيث تداعت جميعها إلى إدانة ما صدر عن «الأونروا»، محذرة من خطورة مضامين المدونة بالتوازي مع رفض شديد لما تروج له.
وطالبت الجهات الرسمية والأهلية والمؤسسات العلمية الفلسطينية واتحاد أولياء الأمور، بتضافر الجهود للوقوف بشدة ضد هذه المدونة، التي تتعارض مع دين وأعراف وقيم المجتمع الفلسطيني والعربي المسلم وتقاليده، وتمجد الفاحشة والرذيلة، وتستهدف القيم الأخلاقية والإنسانية للمجتمع الفلسطيني.
وقال عدد من موظفي «الأونروا»، التقتهم «المجتمع»: رغم الضغوطات الشديدة والقيود التي تفرضها «الأونروا» علينا، فإننا ملتزمون بتعليمات اتحاد الموظفين، وفي حال وصول هذه المدونة إلى المدارس أو العيادات، فلن نوقع على الالتزام بها لأنها تتنافى مع القيم الدينية ومنظومة القيم المجتمعية.
ودعا مصدر مطلع في اللجنة المشتركة لاتحادات الموظفين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حديث لـ«المجتمع»، إلى رفض المدونة وعدم التعاطي معها نهائياً، كما دعا جميع الأطراف ومكونات الشعب الفلسطيني للوقوف عند مسؤولياتهم تجاه هذه الأفكار الدخيلة.
وأشار المصدر إلى أن هناك توجه من إدارة الوكالة لسحب هذه المدونة بسبب الضغوطات التي واجهتها من قبل المجتمع الفلسطيني.
واعتبرت لجنة شؤون اللاجئين في المجلس التشريعي أن توزيع هذه النشرات من قبل إدارة «الأونروا» يعد تجاوزاً خطيراً مرفوضاً، ويمس المجتمع الفلسطيني، ويروج للشذوذ والانحلال الأخلاقي.
وقال رئيس اللجنة عاطف عدوان لـ«المجتمع»: إن مثل هذه النشرات تمثل تجاوزاً خطيراً مرفوضاً، يمس المجتمع الفلسطيني، ويروج للشذوذ والانحلال الأخلاقي، مشيراً إلى أن مسؤولية «الأونروا» تقديم الخدمات الإنسانية والتعليمية للشعب الفلسطيني بنزاهة، واحترام قيم المجتمع الفلسطيني، والالتزام بعدم التورط في أي نشاط يتعارض مع ذلك.
وتساءلت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، في مؤتمر صحفي: كيف تجرؤ إدارة «أونروا» على إدراج مبادئ وقواعد ما زالت نقطة خلاف بين الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتجبر موظفيها على قبولها والتوقيع عليها وإلزامهم بتبني ثقافات تتعارض مع قيمهم؟ أليس هذا انتهاكاً وتعدياً على حقوق الموظفين؟!
ورأت أن بنود قبول الموظفين بالهوية الجندرية، أو الالتزام بالحيادية التي تجردهم من هويتهم الوطنية، وعدم معاداة السامية، وتعديل المنهاج التعليمي، شروط تضعها بعض الدول المانحة على «أونروا»، وباتت سيفاً مصلتاً على رقاب «أونروا» واللاجئين معاً.
بنود مشبوهة
بدوره، وصف رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبدالعاطي، في تصريح لـ«المجتمع»، ما تضمنته المدونة بأنها بنود مشبوهة وغير مقبولة؛ دينياً وأخلاقياً، وقال: إن منظومة حقوق الإنسان العالمية تضمنت مبادئ سامية متفق عليها دولياً لا يُدرج فيها ما يعتبر على نقيض الخصوصيات الثقافية للشعوب، ولا يعتبر محل إجماع دولي، واعتبرها محاولة خبيثة لزج المجتمع الفلسطيني في مسألة تتنافى مع قيمه ومعاييره المستقرة، مطالباً «الأونروا» بسحبها والاعتذار العلني عنها.
عبدالعاطي: محاولة خبيثة لزج المجتمع الفلسطيني في مسألة تتنافى مع قيمه المستقرة
وبينت رابطة علماء فلسطين أن من يسوّغ هذا الانحلال الجنسي إنما يسلك بذلك مسلك مَنْ انتكست فطرتهم من قوم لوط، حيث قالوا فيما حكى الله عنهم في كتابه العزيز: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (النمل: 56).
وطالب رئيسها نسيم ياسين، في تصريحه لـ«المجتمع»، إدارة «أونروا» بالتراجع، وسحب هذه النشرات والتحقيق الفوري حول من قام بوضعها ضمن النشرات، والاعتذار للشعب الفلسطيني العظيم عن هذه السقطة التي تعد خنجراً في خاصرة اللاجئين الفلسطينيين.
ودعا كل الجهات الرسمية والأهلية والمؤسسات العلمية الفلسطينية إلى تضافر الجهود للوقوف بشدة ضدَّ هذه النشرة ومنع توزيعها كونها تتعارض مع ديننا وأعراف مجتمعنا المسلم وتقاليده.
وفي حديثه لـ«المجتمع»، لفت رئيس المكتب الإعلامي في حكومة غزة سلامة معروف إلى أن هذه الخطوة تشكل تساوقاً واضحاً مع محاولات ترويج مفاهيم شاذة عن قيم وأخلاق المجتمع الفلسطيني والعربي عامة، وتخالف الفطرة البشرية السوية.
وقال معروف: من الخطورة أن تجند «أونروا» إمكاناتها لخدمة أهداف بعيدة تماماً عن مبرر إنشائها، وهو خدمة اللاجئين من أبناء شعبنا في ظل الحديث عن أزمات مالية، تسببت بإيقاف العديد من البرامج والخدمات الضرورية.
معروف: من الخطورة تجنيد «الأونروا» إمكاناتها لخدمة أهداف بعيدة عن مبرر إنشائها
وشدد على أن هذا الأمر غير مقبول، وفيه تجاوز واضح من إدارة «أونروا» لنظامها الداخلي، وبروتوكول عملها التأسيسي الذي يحتم عليها الالتزام بقيم وأعراف وقوانين المجتمعات.
وأضاف معروف: أبلغنا إدارة «أونروا» رسمياً بموقفنا الرافض، وطالبناها بضرورة سحب هذه النشرات، والاعتذار لشعبنا والتحقيق فيما جرى، مضيفاً: لن نسمح بتمرير مثل هذه المخططات التي تستهدف ضرب قيم مجتمعنا المحافظ، والترويج لمفاهيم وسلوكيات الانحلال الأخلاقي.
تمييع قيم المجتمع
من طرفها، حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في بيانها، «الأونروا» من الاستمرار في مثل هذه الخطوات، محملة إياها كامل المسؤولية عن أي تداعيات سلبية لهذه التعليمات، وطالبتها بسحب كل ما تم توزيعه من منشورات مسيئة، وعدم تكرار ذلك مطلقاً في المستقبل.
«حماس»: قيم الفضيلة التي يتمتع بها شعبنا جزء أصيل من معركتنا مع العدو الصهيوني
وأكدت الحركة أن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية والمجتمعية والدينية لن يسمح بتمرير هذه المخططات لتمييع قيم المجتمع، معتبرة أن قيم الفضيلة والعفة التي يتمتع بها شعبنا جزء أصيل من معركتنا مع العدو الصهيوني، من أجل الحرية والاستقلال والعودة.
واعتبرت الدائرة التعليمية في حركة الجهاد الإسلامي ما جرى بالغ الخطورة ويدق ناقوس الخطر، داعية المجتمع الفلسطيني لمواجهة مثل هذه التغولات التي تُنبئ بخطر جسيم على الطلاب وعوائهم، وقالت: إن إدارة «الأونروا» تخالف قواعد العمل المتعارف عليها في المناطق الفلسطينية كون عملها إنسانياً وليس من شأنها التنظير لمصطلحات ومفاهيم تخالف الشريعة الإسلامية والفطرة السليمة.
وطالبت أبناء الشعب الفلسطيني من موظفي دائرة التعليم والصحة والبيئة في «الأونروا» إلى عدم التعاطي مع مثل هذه النشرات ووأدها لما لها من بُعد خطير يطال الدين الإسلامي وقيم الشعب.
وأمام هذا التطور الخطير، تبقى التساؤلات تبحث عن إجابات: ماذا تريد «الأونروا» من نشر هذه الثقافة الدخيلة؟ وهل باتت قيم المجتمع الفلسطيني والعربي الهدف؟ ومن يقف خلف نشر تلك المخططات؟