تعد قضية اللاجئين الفلسطينيين جوهر وعنوان القضية الفلسطينية، وعودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها قسراً عام 1948م على يد العصابات الصهيونية، هو حق لا تفريط فيه مهما طال الزمن، باعتباره حقاً مقدساً ومكفولاً بإرادة الصمود والمقاومة، فالكبار يموتون والصغار لا ينسون.
وحاول الاحتلال الصهيوني والدول الاستعمارية طيلة 74 عاماً طمس هذا الحق من خلال محاربة المؤسسات التي ترعى خدمات اللاجئين، وفي مقدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من خلال تقليص الدعم المالي المقدم لها، وربط المساعدات المقدمة لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني في الوطن المحتل والشتات، بشروط محددة تهدف بالأساس لمحو حق العودة والمساس به.
المخيمات تقود المقاومة
وللحفاظ على حق العودة ومقاومة الاحتلال الصهيوني، تقود المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية انتفاضة ضد الصهاينة، فلا يمر يوم على المخيمات دون اقتحامات واشتباكات مع قوات الاحتلال الصهيوني، تكبِّد فيها الاحتلال الصهيوني خسائر فادحة.
خلف: التقليصات المالية في موازنة «الأونروا» عمقت مأساة اللاجئين في المخيمات
وأكد رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان صلاح الخواجا أن المخيمات الفلسطينية تمثل عنواناً للمعاناة والنكبة المستمرة حتى الآن، مشيراً إلى أن الاحتلال الصهيوني يعتبر المخيمات واستمرار وجودها من أخطر العناوين سواء في موضوع حق العودة للاجئين لديارهم وفق القرارات الدولية، وهي تشكل خطراً كبيراً على إستراتيجية الاحتلال لشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، بل تمارس ضغوطات على الدول المانحة بوقف مساعداتها لـ«الأونروا».
وأوضح الخواجا لـ«المجتمع» أن بقاء المخيمات يعني بقاء حالة التشريد والتهجير والتعطش للعودة، وهو ما يرعب الاحتلال؛ وبالتالي تكون المقاومة أكثر تأثيراً وفعالية وحماسة لأبناء المخيمات، وهذا واضح من خلال العمليات البطولية.
وأضاف أن الاحتلال يستهدف المخيمات من خلال محاولات توطينهم وإنهاء قضيتهم بتنسيق مع الإدارة الأمريكية، التي طرحت علناً عدة مشاريع ومخططات لمحو حق العودة.
تقليص المساعدات المالية
بدوره، قال منسق ملف اللاجئين بالقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة محمود خلف: إن الحرب الشرسة التي يقودها الصهاينة بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية لطمس حق العودة ما زالت مستمرة؛ بهدف تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، خاصة استهداف وابتزاز وكالة «الأونروا» التي أنشئت بقرار أممي يحمل رقم (302) عام 1949م لحين العودة لديارهم التي هجروا فيها من 535 قرية وبلدة قسراً عام 1948م، بعد أن ارتكبت المجازر على يد العصابات الصهيونية.
ولفت خلف إلى أن الإدارة الأمريكية حاولت على مدار السنوات الماضية تقويض قضيتهم العادلة عبر تسويق عدة مشاريع، منها مشروع أن قضية اللاجئين وحقهم بالعودة لديارهم لا يورث، وتحريض العالم على عدم تجديد التفويض الذي يتم لـ«الأونروا» كل 3 سنوات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتابع: ولكن على الرغم من ذلك، فقد صوتت 157 دولة على تجديد التفويض لـ«الأونروا» في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا يدلل بشكل واضح على اعتراف العالم بمأساة اللاجئين.
وحول الأزمة المالية التي تعيشها «الأونروا»، أكد خلف أن الوكالة تحتاج سنوياً لنحو مليار وستمائة مليون دولار لتمويل خدماتها في مناطق عملياتها الخمس في الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان والأردن وسورية.
وأشار إلى أن مجموع التبرعات السنوية من الدول المانحة لا يتجاوز 800 مليون دولار، والباقي عجز متراكم في الموازنة مما دفعها للتقليصات، مبيناً أن مليوناً وربع مليون لاجئ في قطاع غزة يعيشون في ظروف غاية في الصعوبة، يعتمدون في معيشتهم على المساعدات المقدمة من «الأونروا».
الخواجا: المخيمات تمثل القلعة الحصينة والعنوان لحق عودة اللاجئين
وأوضح خلف أن العجز هذا العام بلغ 170 مليون دولار، وهو مبلغ تحتاجه الوكالة لتمويل خدماتها ورواتب الموظفين والخدمات التعليمية والصحية حتى نهاية العام الجاري.
وذكر أن هناك قضية خطيرة تكمن في وضع الدول المانحة شروطاً لتقديم مساعدات مالية لـ«الأونروا»، وهذا تطور خطير، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني متمسك بحق العودة إلى دياره طبقاً للقرار الأممي (194).
مخيمات اللاجئين وتوزيعها الجغرافي
يتواجد اللاجئون الفلسطينيون في 5 مناطق لجؤوا إليها بعد تهجيرهم من ديارهم عام 1948م، تقدم فيها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية والتشغيلية، وهي:
1- قطاع غزة، يوجد به 8 مخيمات يقطنها نحو مليون وربع مليون لاجئ فلسطيني؛ 80% منهم يعيشون في ظروف فقر قاسية، تقدم «الأونروا» خدماتها المختلفة للاجئين فيه عبر 200 منشأة يديرها 10 آلاف موظف يتبعون لها، ويعتمد معظم اللاجئين في المخيمات على المساعدات الدورية التي تقدمها «الأونروا».
2- في الضفة الغربية، يوجد 19 مخيماً للاجئين الفلسطينيين موزعين على مناطق عدة، ويعيشون ظروفاً قاسية من خلال الاقتحامات المستمرة لقوات الاحتلال والحصار والقتل.
3- يعيش نحو 483 ألف لاجئ فلسطيني في 12 مخيماً للاجئين في لبنان.
4- في الأردن يعيش أكثر من 2.1 مليون لاجئ فلسطيني في 13 مخيماً للاجئين في ظروف حياتية قاسية.
5- يوجد في سورية نحو 570 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في 12 مخيماً للاجئين.
من جانبها، وثقت دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينية تهجير العصابات الصهيونية لنحو 800 ألف فلسطيني من ديارهم في النكبة الفلسطينية عام 1948م، جلهم لجأ ليعيش في مخيمات اللجوء وفي الشتات، على أمل العودة إلى ديارهم طال الزمن أو قصر.