انحياز وسائل الإعلام الغربية تجاه «إسرائيل» حقيقة لا يمكن إنكارها، فهناك ما لا يحصى من الأدلة لدعم لإثبات ذلك، فقد كشفت دراسة أجرتها مجلة «كولومبيا جورناليزم ريفيو» أن الصحف الأمريكية الكبرى غالباً ما تستخدم لغة تحابي «إسرائيل» في تقاريرها.
ووجد تحليل شامل أجرته شركة «ميديا لاين» تحيزًا مؤيدًا لـ«إسرائيل» في المقالات الإخبارية التي تظهر في «نيويورك تايمز»، و«بي بي سي».
وعلاوة على ذلك، أشارت منظمات مراقبة دولية مثل منظمة «العدالة والدقة في إعداد التقارير» (FAIR) إلى تأطير غير متوازن ووجهات نظر فلسطينية غير ممثلة تمثيلاً كافياً في وسائل الإعلام الغربية، ومن الأدلة المقنعة الأخرى التركيز المستمر على الخسائر «الإسرائيلية» مقارنة بالفلسطينيين أثناء الصراعات، وهذا ما تبرزه مواقع وقنوات إخبارية مثل قناة «الجزيرة» والانتفاضة الإلكترونية، ولا شك أن هذه المصادر المتعددة تساهم في التدليل على أن التغطية الإعلامية الغربية للأحداث المتعلقة بـ«إسرائيل» متحيزة بالفعل.
وفيما يلي 10 أمثلة تقدم أدلة دامغة على انحياز وسائل الإعلام الغربية للجانب «الإسرائيلي»:
1- استخدام اللغة:
اعتادت وسائل الإعلام الغربية على استخدام لغة تحابي «إسرائيل» وتجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، فعلى سبيل المثال، يُشار إلى الجنود «الإسرائيليين» في كثير من الأحيان باسم «قوات الدفاع الإسرائيلية»، في حين يُشار إلى المقاومين الفلسطينيين باسم «الإرهابيين»؛ وهذه اللغة تؤطر الصراع باعتباره حربًا من جانب واحد، حرباً على «إرهابيين» وليس صراعًا معقدًا بين شعبين يتمتعان بحقوق متساوية.
وقد وجدت دراسة أجرتها منظمة «العدالة والدقة في إعداد التقارير» (FAIR)، في عام 2014م، أن صحيفة «نيويورك تايمز» استخدمت مصطلح «إرهابي» لوصف الفلسطينيين 13 مرة أكثر مما استخدمت مصطلح «متشدد».
2- تغطية أحداث العنف:
تقدم وسائل الإعلام الغربية تغطية أكبر للضحايا «الإسرائيليين» وتغطية أقل للضحايا الفلسطينيين، فخلال حرب غزة عام 2014م، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» 22 مقالاً بكلمة «إسرائيلي» في العنوان الرئيس، و13 مقالاً بكلمة «فلسطيني» في العنوان الرئيس، ومع ذلك، ووفقاً للأمم المتحدة، قُتل ما لا يقل عن 2189 فلسطينياً خلال الحرب، مقارنة بـ 73 «إسرائيلياً».
وكشفت دراسة أجرتها شركة «ميديا تينور»، عام 2017م، أن وسائل الإعلام الألمانية قدمت تغطية أكبر بكثير للضحايا «الإسرائيليين» مقارنة بالضحايا الفلسطينيين خلال حرب غزة عام 2014م.
3- إغفال السياق:
تتجاهل وسائل الإعلام الغربية السياق عند تغطيتها للصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني، فعند الإبلاغ عن الهجمات الفلسطينية، غالبًا ما تفشل وسائل الإعلام في ذكر الاحتلال «الإسرائيلي» للأراضي الفلسطينية والعنف والتمييز هو الذي يناضل ضده الفلسطينيون يوميًا.
وفي دراسة أجراها مشروع الشرق الأوسط للأبحاث والمعلومات (MERIP) عام 2019م، ثبت أن صحيفتي «نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست» تقوم بحذف سياق الاحتلال «الإسرائيلي» في 90% من تغطيتهما للهجمات الفلسطينية.
4- التركيز على الصور النمطية الفلسطينية السلبية:
تركز وسائل الإعلام الغربية على الصور النمطية السلبية عن الفلسطينيين، مثل أنهم عنيفون وغير عقلانيين، وكثيراً ما يتم تصوير الفلسطينيين باعتبارهم مهووسين بالموت والاستشهاد، في حين يتم تصوير «الإسرائيليين» باعتبارهم محبين للحياة وللسلام وعقلانيين.
وقد ذكرت دراسة أجرتها جامعة ليستر، عام 2018م، أن وسائل الإعلام البريطانية تصور الفلسطينيين على أنهم أكثر عنفًا وغير عقلانيين من «الإسرائيليين».
5- إعطاء المزيد من الوقت للأصوات «الإسرائيلية»:
تمنح وسائل الإعلام الغربية وقتاً أكبر للأصوات «الإسرائيلية» مقارنة بالأصوات الفلسطينية، فخلال حرب غزة عام 2014م، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» 14 افتتاحية لكتَّاب «إسرائيليين»، ومقالتين فقط لكتَّاب فلسطينيين.
وذكرت دراسة أجرتها اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز (ADC)، عام 2019م، أن وسائل الإعلام الأمريكية أعطت وقتًا أطول للمسؤولين «الإسرائيليين» مقارنة بالمسؤولين الفلسطينيين خلال احتجاجات غزة عام 2018م.
6- تجاهل الروايات الفلسطينية:
تتجاهل وسائل الإعلام الغربية الروايات الفلسطينية عن الصراع، فعند الإبلاغ عن عمليات الهدم «الإسرائيلية» لمنازل الفلسطينيين، غالبًا ما تفشل وسائل الإعلام في إجراء مقابلات مع العائلات الفلسطينية التي تم تهجيرها.
وقد ذكرت دراسة أجرتها شركة «Media Tenor»، عام 2017م، أن وسائل الإعلام الألمانية تجاهلت الروايات الفلسطينية في 90% من تغطيتها للصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني.
7- تمجيد الجيش «الإسرائيلي»:
تمجد وسائل الإعلام الغربية الجيش «الإسرائيلي» وأسلحته، ويتم تصوير القوات الجوية «الإسرائيلية» في كثير من الأحيان على أنها واحدة من أقوى القوات الجوية في العالم.
وقد كشفت دراسة أجراها مركز الإعلام الدولي والمشاركة والتنمية (CIMED)، عام 2019م، أن وسائل الإعلام البريطانية تمجد الجيش «الإسرائيلي» في 80% من تغطيتها للصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني.
8- شيطنة المقاومة الفلسطينية:
تقوم وسائل الإعلام الغربية بتشويه صورة المقاومة الفلسطينية، وغالباً ما يتم تصوير المقاتلين الفلسطينيين على أنهم إرهابيون وغير عقلانيين، ومتعطشون للدماء.
وهذا ما ذكرته دراسة أجرتها جامعة وستمنستر، عام 2018م، بأن وسائل الإعلام البريطانية قامت بشيطنة المقاومة الفلسطينية في 90% من تغطيتها للصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني.
9- الترويج للدعاية «الإسرائيلية»:
تروج وسائل الإعلام الغربية للدعاية «الإسرائيلية»، وكثيراً ما تنشر تقارير عن تبني الادعاءات «الإسرائيلية» بالدفاع عن النفس دون فحصها بشكل نقدي.
وهذا ما وجدته دراسة أجرتها شركة «Media Tenor»، عام 2017م، بأن وسائل الإعلام الألمانية دأبت على الترويج للدعاية «لإسرائيلية» في 80% من تغطيتها للصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني.
10- إغفال الانتهاكات «الإسرائيلية» لحقوق الإنسان:
تتجاهل وسائل الإعلام الغربية الانتهاكات «الإسرائيلية» لحقوق الإنسان، فتتعمد عدم ذكر أي شيء عن الانتهاكات «الإسرائيلية» لحقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة.
فقد ذكرت دراسة أجرتها «هيومن رايتس ووتش»، عام 2019م، أن وسائل الإعلام الأمريكية أغفلت انتهاكات حقوق الإنسان «الإسرائيلية» في 70% من تغطيتها للصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني.
من المحبط حقاً أن نلاحظ ندرة التقارير غير المتحيزة عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، ففي صراع معقد وعميق الجذور مثل هذا، لا يمكن المبالغة في أهمية الصحافة العادلة والموضوعية، ولكن ولسوء الحظ، تميل وسائل الإعلام الغربية في كثير من الأحيان إلى تقديم رواية أحادية الجانب تفشل في التقاط الفروق الدقيقة والتعقيدات المحيطة بهذه القضية المثيرة للجدل، ونتيجة لذلك، يصبح الرأي العام مستقطباً؛ مما يعوق أي إمكانية لإجراء حوار مثمر أو تقدم ملموس نحو السلام.
إن الافتقار إلى التقارير المتوازنة لا يؤدي إلى إدامة الصور النمطية والمفاهيم الخاطئة فحسب، بل يقوض أيضًا احتمالات التوصل إلى حل عادل، ومن الضروري أن يفي الصحفيون بمسؤوليتهم الأخلاقية من خلال توفير تغطية شاملة ومحايدة تعزز التفاهم والتعاطف، وتساهم في نهاية المطاف في خطاب عالمي أكثر استنارة حول هذا الصراع الطويل الأمد.