أحياناً يجف القلم عن الكتابة من هول الصدمة والكارثة، فإن ما تتعرض له غزة الأبية من حرب إبادة على أيدي الكيان الصهيوني المجرم تعدى الكارثة بمراحل، فهو اختبار وابتلاء شديد من الله عز وجل لأهلنا هناك، ولكنَّ عزاءنا أن الرجال بحق قد سطروا بصمودهم دروساً ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ.
على مدى 75 عاماً هي عُمْر الصراع العربي الصهيوني منذ عام 1948م إلى اليوم، لم نسمع بهذا العدد من القتلى الصهاينة (أكثر من 1400 قتيل)؛ (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ) (التوبة: 14)؛ نعم لقد شفا الله صدورنا بقتل الصهاينة، وكسرت «طوفان الأقصى» نظرية «الجيش الذي لا يُقهر»، وأظهرت أن هؤلاء الصهاينة ما هم إلا قوة من ورق!
هذه العملية البطولية كشفت لنا المنافقين والمرجفين في الأرض، وأوضحت لنا كيف أن قادة الأمة العربية تعيش حالة من التشرذم والوهن والضعف؛ بسبب التشبث بالكراسي والمناصب، والخوف ممن هم أوهن من بيت العنكبوت!
«طوفان الأقصى» أظهرت سوءة الأنظمة العربية ليس للعالم فقط، وإنما أمام شعوبهم أيضاً، فالذي يساوي بين الجلاد والضحية لا أعلم كيف يواجه الله تعالى يوم القيامة، ولماذا الصمت إلى الآن؟! وإلى متى هذه المواقف الخجولة التي لا تمثل الشعوب؟! نحن الآن أمام فسطاطين؛ إما مع اليهود ومواساتهم والتبرير لهم، وإما الوقوف مع المجاهدين ودعمهم.
وهنا نستذكر الموقف الشجاع لدولة الكويت من عملية «طوفان الأقصى»، هذا الموقف ليس شعبياً فقط، فمشاركة وزير التجارة وزير الشباب في الوقفة التضامنية الكويتية لدعم «طوفان الأقصى» تنم عن موقف حكومي، وكذلك كلمة النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية: «نحن فخورون بسـريـان مـرسـوم 1967م حـتـى اليوم، وذلك دليل ثبات الكويت في القضية الفلسطينية»، وعندما يوجه وزير الداخلية تحية إكبار للمجاهدين، فإن هذا يعني الكثير في زمن الانكسار، وكذلك كلمات المذيعة في «تلفزيون الكويت» الرسمي الداعمة للمجاهدين لها وقع الحسام على الصهاينة والمتصهينين.
أهل غزة لا يحتاجون الرجال في هذه المرحلة، وإنما يحتاجون وقفة رجال من القادة العرب أولاً، وفتح الحدود، والتهديد باستخدام سلاح النفط، وكذلك على الدول التي تقيم علاقات مع الصهاينة قطع العلاقات مع الكيان، وعودة المقاطعة الاقتصادية مع الشركات التي تتعامل مع الكيان الصهيوني.